باب الوتر والنوافل الوتر بفتح الواو وكسرها: ضد الشفع. والنوافل جمع نافلة، والنفل في اللغة: الزيادة. وفي الشريعة: زيادة عبادة شرعت لنا لا علينا ط. قوله: (كل سنة نافلة) قدمنا قبل هذا الباب في آخر المكروهات تقسيم السنة إلى مؤكدة وغيرها، وبسطنا ذلك أيضا في سنن الوضوء، والكل يسمى نافلة، لأنه زيادة على الفرض لتكميله، ومراده الاعتذار عن ترك التصريح بالسنن في الترجمة، مع أن الباب معقود لبيانها أيضا. قوله: (ولا عكس) أي لغويا، لان الفقيه بمعزل عن النظر إلى القواعد المنطقية، فالمراد: وليس كل نافلة سنة، فإن كل صلاة لم تطلب بعينها نافلة، وليست بسنة، بخلاف ما طلبت بعينها كصلاة الليل والضحى مثلا، فافهم. قوله: (هو فرض عملا) أي يفترض عمله: أي فعله، بمعنى أنه يعامل معاملة الفرائض في العمل، فيأثم بتركه ويفوت الجواز بفوته، ويجب ترتيبه وقضاؤه، ونحو ذلك، فقوله: عملا تمييز محول عن الفاعل.
مطلب في الفرض العلمي والعملي والواجب واعلم أن الفرض نوعان: فرض عملا وعلما، وفرض عملا فقط. فالأول كالصلوات الخمس، فإنها فرض من جهة العمل، لا يحل تركها ويفوت الجواز بفوتها، بمعنى أنه لو ترك واحدة منها لا يصح فعل ما بعدها قبل قضاء المتروكة. وفرض من جهة العلم والاعتقاد، بمعنى أنه يفترض عليه اعتقادها حتى يكفر بإنكارها. والثاني كالوتر فإنه فرض عملا، كما ذكرناه وليس بفرض علما:
أي لا يفترض اعتقاده، حتى أنه لا يكفر منكره لظنية دليله وشبهة الاختلاف فيه، ولذا يسمى واجبا، ونظيره مسح ربع الرأس، فإن الدليل القطعي أفاد أصل المسح. وأما كونه قدر الربع فإنه ظني، لكنه قام عند المجتهد ما رجح دليله الظني حتى صار قريبا من القطعي فسماه فرضا: أي عمليا، بمعنى أنه يلزم عمله، حتى لو تركه ومسح شعرة مثلا يفوت الجواز به وليس فرضا علما، حتى لو أنكره لا يكفر، بخلاف ما لو أنكر أصل المسح.
وبه علم أن الواجب نوعان أيضا، لأنه كما يطلق على هذا الفرض الغير القطعي، يطلق على ما هو دونه في العلم وفوق السنة، وهو ما لا يفوت الجواز بفوته، كقراءة الفاتحة، وقنوت الوتر، وتكبيرات العيدين، وأكثر الواجبات من كل ما يجبر بسجود السهو. وقد يطلق الواجب أيضا على الفرض القطعي كما قدمناه عن التلويح في بحث فرائض الوضوء، فراجعه. قوله: (وواجب اعتقادا)