والحاصل أن المسألة ظنية، وأما إيمان اليأس فلا يقبل اتفاقا، وسيأتي إن شاء تعالى تمام الكلام عليه في باب الردة. قوله: (من غير أمره) أي من غير أن يقول له قل، فهو مصدر مضاف إلى مفعوله قوله: (لئلا يضجر) أي ويردها. قوله: (ويندب قراءة يس) لقوله (ص): اقرؤوا على موتاكم يس صححه ابن حبان وقال: المراد به من حضره الموت. وروى أبو داود عن مجالد عن الشعبي قال: كانت الأنصار إذا حضروا قرؤوا عند الميت سورة البقرة، إلا أن مجالدا مضعف. حلية. قوله:
(والرعد) هو استحسان بعض المتأخرين لقول جابر: إنها تهون عليه خروج روحه. إمداد.
مطلب في التلقين بعد الموت قوله: (ولا يلقن بعد تلحيده) ذكر في المعراج أنه ظاهر الرواية، ثم قال: وفي الخبازية والكافي عن الشيخ الزاهد الصفار أن هذا على قول المعتزلة، لان الاحياء بعد الموت عندهم مستحيل، أما عند أهل السنة فالحديث: أي لقنوا موتاكم لا إله إلا الله محمول على حقيقته، لان الله تعالى يحييه على ما جاءت به الآثار، وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمر بالتلقين بعد الدفن فيقول: يا فلان بن فلان، أذكر دينك الذي كنت عليه من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن الجنة حق والنار حق وأن البعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا، وبمحمد (ص) نبيا، وبالقرآن إماما، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخوانا اه.
وقد أطال في الفتح في تأييد حمل موتاكم في الحديث على حقيقته مع التوفيق بين الأدلة على أن الميت يسمع أو لا، كما سيأتي في باب اليمين في الضرب والقتل من كتاب الايمان، لكن قال في شرح المنية: إن الجمهور على أن المراد منه مجازه، ثم قال: وإنما لا ينهى عن التلقين بعد الدفن، لأنه لا ضرر فيه بل فيه نفع، فإن الميت يستأنس بالذكر على ما ورد في الآثار الخ.
قلت: وما في ط عن الزيلعي لم أره فيه، وإنما الذي فيه قيل يلقن لظاهر ما رويناه، وقيل لا، وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه اه. وظاهر استدلاله للأول اختياره، فافهم.
مطلب في سؤال الملكين: هل هو عام لكل أحد أو لا قوله: (ومن لا يسأل الخ) أشار إلى أن سؤال القبر لا يكون لكل أحد، ويخالفه ما في السراج:
كل ذي روح من بني آدم يسأل في القبر بإجماع أهل السنة، لكن يلقن الرضيع الملك، وقيل لا، بل يلهمه الله تعالى كما ألهم عيسى في المهد اه. لكن (حكاية الاجماع) نظر. فقد ذكر الحافظ ابن عبد البر أن الآثار دلت على أنه لا يكون إلا لمؤمن أو منافق ممن كان منسوبا إلى أهل القبلة بظاهر الشهادة دون الكافر الجاحد، وتعقبه ابن القيم، لكن رد عليه الحافظ السيوطي وقال: ما قاله ابن عبد البر هو الأرجح، ولا أقول سواه. ونقل العلقمي في شرحه على الجامع الصغير أن الراجح أيضا اختصاص السؤال بهذه الأمة خلافا لما استظهره ابن القيم، ونقل أيضا عن الحافظ ابن حجر العسقلاني أن الذي يظهر اختصاص السؤال بالمكلف، وقال: وتبعه عليه شيخنا: يعني الحافظ السيوطي.