العجز، لأنه لم يجب عليه واحدة من المشقتين: أي مشقة البدن ومشقة المال، فإذا كان له تركهما كان له أن يتحمل إحداهما تقربا إلى ربه عز وجل، فله الاستنابة فيه صحيحا اه. قوله: (على الظاهر من المذهب) كذا في المبسوط، وهو الصحيح كما في كثير من الكتب. بحر. ويشهد بذلك الآثار من السنة وبعض الفروع من المذهب. فتح. قوله: (وقيل عن المأمور نفلا الخ) ذهب إليه عامة المتأخرين كما في الكشف، قالوا: وهو رواية عن محمد، وهو اختلاف لا ثمرة له، لأنهم اتفقوا أن الفرض يسقط عن الآمر لا عن المأمور، وأنه لا بد أن ينويه عن الآمر، وتمامه في (البحر).
قلت: وعلى القول بوقوعه عن الآمر لا يخلو المأمور من الثواب، بل ذكر العلامة نوح عن مناسك القاضي: حج الانسان عن غيره أفضل من حجه عن نفسه بعد أن أدى فرض الحج لان نفعه متعد، وهو أفضل من القاصر اه. تأمل. قوله: (كالنفل) مقتضاه أن النفل يقع عن المأمور اتفاقا، وللآمر ثواب النفقة وبه صرح بعض الشراح ومشى عليه في اللباب. ورده الإتقاني في غاية البيان بأنه خلاف الرواية لما قاله الحاكم الشهيد في الكافي: الحج التطوع عن الصحيح جائز، ثم قال:
وفي الأصل يكون الحج عن المحج اه. قوله: (لكنه يشترط الخ) استدراك على قوله يقع عن الآمر فإن مقتضاه صحته ولو من غير الأهل ط: أي كما تصح إنابة ذمي في دفع الزكاة قوله: ( لصحة الافعال) عبر بالصحة دون الوجوب ليعم المراهق فإنه أهل للصحة دون الوجوب ط. قوله:
(ثم فرع عليه) أي على أن الشرط هو الأهلية دون اشتراط أن يكون المأمور قد حج عن نفسه ودون اشتراط الذكورة والحرية والبلوغ. قوله: (بمهملة) أي بصاد مهملة وبتخفيف الراء.
مطلب في حج الصرورة قوله: (من لم يحج) كذا في القاموس. وفي الفتح: والصرورة يراد به الذي لم يحج عن نفسه اه. أي حجة الاسلام، لان هذا الذي فيه خلاف الشافعي، فهو أعم من المعنى اللغوي، فكان ينبغي للشارح ذكره، لأنه يشمل من لم يحج أصلا، ومن حج عن غيره أو عن نفسه نفلا أو نذرا أو فرضا فاسدا أو صحيحا ثم ارتد ثم أسلم بعده كما أفاده ح. قوله: (وغيرهم أولى لعدم الخلاف) أي خلاف الشافعي فإنه لا يجوز حجهم كما في الزيلعي ح. ولا يخفى أن التعليل يفيد أن الكراهة تنزيهية، لان مراعاة الخلاف مستحبة، فافهم. وعلل في الفتح الكراهة في المرأة بما في المبسوط من أن حجها أنقص، إذ لا رمل عليها، ولا سعي في بطن الوادي، ولا رفع صوت بالتلبية، ولا حلق، وفي العبد بما في البدائع من أنه ليس أهلا لأداء الفرض عن نفسه، وأطلق في صحة إحجاج العبد، فشمل ما إذا كان بإذن مولاه أو بغير إذنه كما صرح به في المعراج، فافهم. وقال في الفتح أيضا: والأفضل أن يكون قد حج عن نفسه حجة الاسلام خروجا عن الخلاف، ثم قال: والأفضل إحجاج الحر العالم بالمناسك الذي حج عن نفسه. وذكر في البدائع كراهة إحجاج الصرورة لأنه تارك فرض الحج. ثم قال في الفتح بعد ما أطال الاستدلال: والذي يقتضيه النظر أن حج الصرورة