مطلب في استعمال كسوة الكعبة قوله: (ولا يجوز الخ) قيل ذكر المرشدي في تذكرته ما نصه: قال العلامة قطب الدين الحنفي: والذي يظهر لي أن الكسوة إن كانت من قبل السلطان من بيت المال فأمرها راجع إليه يعطيها لمن شاء من الشيبيين أو غيرهم، وإن كانت من أوقات السلاطين وغيرهم فأمرها راجع إلى شرط الواقف فيها فهي لمن عينها له، وإن جهل شرط الواقف فيها عمل فيها بما جرت به العوائد السالفة كما هو الحكم في سائر الأوقاف، وكسوة الكعبة الشريفة الآن من أوقاف السلاطين ولم يعلم شرط الواقف فيها، وقد جرت عادة بني شيبة أنهم يأخذون لأنفسهم الكسوة العتيقة بعد وصول الكسوة الجديدة فيبقون على عادتهم فيها، والله أعلم. قوله: (وله لبسها) أي للشاري إن كان امرأة أو كان رجلا وكانت الكسوة من غير الحرير كما في شرح اللباب. ونقل بعض المحشين عن المنسك الكبير للسندي تقييد ذلك أيضا بما إذا لم تكن عليها كتابة لا سيما كلمة التوحيد.
مطلب فيمن جنى في غير الحرم ثم التجأ إليه قوله: (إلا إذا قتل فيه) وإلا المرتد فإنه يعرض عليه الاسلام، فإن أسلم وإلا قتل، كذا في شرح الشيخ إسماعيل عن المنتقى، لكن عبارة اللباب هكذا: من جنى في غير الحرم، بأن قتل أو ارتد أو زنى أو شرب الخمر أو فعل غير ذلك مما يوجب الحد ثم لاذ إليه لا يتعرض له ما دام في الحرم، ولكن لا يبايع ولا يؤاكل ولا يجالس ولا يؤوي إلى أن يخرج منه فيقتص منه وإن فعل شيئا من ذلك في الحرم يقام عليه الحد فيه، ومن دخل الحرم مقاتلا فتل فيه ا ه. وكذا سيأتي في المتن قبيل باب القود من الجنايات. مباح الدم التجأ إلى الحرام لم يقتل فيه ولم يخرج عنه للقتل الخ. زاد الشارح هناك: وأما فيما دون النفس فيقتص منه في الحرم إجماعا ا ه. ونقل في شرح اللباب) عن النتف مثل ما مر عن المنتقى من التفصيل وقال: إنه مخالف بظاهره لاطلاقهم. ثم أجاب بتقييد إطلاقهم عدم قتله بما إذا لم يحصل أعراض وإباء، لان إباءه عن الاسلام جناية في الحرم. وذكر أيضا عن الخانية عن أبي حنيفة: لا تقطع يد السارق في الحرم، خلافا لهما ا ه.
قلت: وتمام عبارة الخانية: وإن فعل شيئا من ذلك في الحرم يقام عليه الحد فيه، فأفاد كلام الخانية وكلام اللباب المار أن الحدود لا تقام في الحرم على من جنى خارجه ثم لجأ إليه، ولو كان ذلك فيما دون النفس، بخلاف ما إذا كانت الجناية فيه، وعلى هذا فيفرق فيما دون النفس بين إقامة الحد وبين القصاص من حيث إن الحد فيه لا يقام في الحرم إلا إذا كانت الجناية فيه، بخلاف القصاص، ولعل وجه الفرق ما صرحوا به من أن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال.
ومن جنى على المال إذا لجأ إلى الحرم يؤخذ منه لأنه حق العبد، فكذا يقتص منه في الأطراف، بخلاف الحد لأنه حق الرب تعالى، وبخلاف القصاص في النفس لأنه ليس بمنزلة المال. وأما ما في صحيح البخاري من قطعه (ص) عام الفتح يد المخزومية بمكة فلا ينافي ما قلناه، إلا إذا ثبت أنها سرقت خارج الحر، والله تعالى أعلم. قوله: (لا يقتل