الشافعي جميع التكبيرات المروية عن ابن عباس على الزوائد، وهذا خلاف ما حملناه عليه، والمذهب عندنا قول ابن مسعود. وما ذكروا من عمل العامة بقول ابن عباس لأمر أولاده من الخلفاء به كان في زمنهم، أما فزماننا فقد زال، فالعمل الآن بما هو المذهب عندنا، كذا في شرح المنية وذكر في البحر أن الخلاف في الأولوية، ونحوه في الحلية.
مطلب: أمر الخليفة لا يبقى بعد موته تنبيه: يؤخذ من قول شرح المنية: كان في زمنهم الخ، أن أمر الخليفة لا يبقى بعد موته أو عزله كما صرح به في الفتاوى الخيرية، وبنى عليه أنه لو نهى عن سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا يبقى نهيه بعد موته، والله أعلم. قوله: (ولو زاد تابعه الخ) لأنه تبع لامامه فتجب عليه متابعته وترك رأيه برأي الامام لقوله عليه الصلاة والسلام: إنما جعل الامام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه فما لم يظهر خطؤه بيقين كان اتباعه واجبا ولا يظهر الخطأ في المجتهدات، فأما إذا خرج عن أقوال الصحابة فقد ظهر خطؤه بيقين فلا يلزمه اتباعه، ولهذا لو اقتدى بمن يرفع يديه عند الركوع أو بمن يقنت في الفجر أو بمن يرى تكبيرات الجنازة خمسا لا يتابعه لظهور خطئه بيقين، لان ذلك كله منسوخ. بدائع.
أقول: يؤخذ منه أن الحنفي إذا اقتدى بشافعي في صلاة الجنازة يرفع يديه لأنه مجتهد فيه فهو غير منسوخ، لأنه قد قال به أئمة بلخ من الحنفية، وسيأتي تمامه في الجنائز وقدمناه في أواخر بحث واجبات الصلاة. قوله: (إلى ستة عشر) كذا في البحر عن المحيط. وفي الفتح قيل: يتابعه إلى ثلاث عشرة، وقيل إلى ست عشرة اه.
قلت: ولعل وجه القول الثاني حمل الثلاث عشرة المروية عن ابن عباس على الزوائد كما مر عن الشافعي، وهي مع الثلاث الأصلية تصير ست عشرة، وإلا لم أر من قال بأن الزوائد ست عشرة، فليراجع، وقد راجعت مجمع الآثار للامام الطحاوي فلم أر فيما ذكره من الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين أكثر مما مر عن ابن عباس، فهذا يؤيد القول الأول ولذا قدمه في الفتح ونسبه في البدائع إلى عامة المشايخ، على أن ضم الثلاث الأصلية إلى الزوائد بعيد جدا لان القراءة فاصلة بينهما، فتأمل. قوله: (فيأتي بالكل) قال في البحر نقلا عن المحيط: فإن زاد لا يلزمه متابعته لأنه مخطئ بيقين، ولو سمع التكبيرات من المكبرين يأتي بالكل احتياطا وإن كثر، لاحتمال الغلط من المكبرين، ولذا قيل ينوي بكل تكبيرة الافتتاح لاحتمال التقدم على الامام في كل تكبيرة اه.
قلت: والظاهر أنه عبر عنه بقيل لضعفه، ولذا لم يذكر الشارح، فإنه يقتضي أن من لم يسمع من الامام ينوي الافتتاح بالثلاث أيضا وإن لم يزد عليها، فإن احتمال الغلط والتقدم موجود في الكل لا في خصوص الزائد على المأثور في الركعة الأولى، فتأمل. وسيأتي في صلاة الجنازة أنه ينوي فيها الافتتاح بتكبيرة أيضا، ويأتي تمام البحث فيه. قوله: (ويوالي ندبا بين القراءتين) أ بأن يكبر في الركعة الثانية بعد القراءة لتكون قراءتها تالية لقراءة الركعة الأولى، أما لو كبر في الثانية قبل القراءة أيضا كما يقول ابن عباس يكون التكبير فاصلا بين القراءتين، وأشار بقوله: ندبا إلى أنه لو كبر في أول كل ركعة جاز، لان الخلاف في الأولوية كما مر عن البحر. هذا، وأما ما في المحيط من التعليل للموالاة بأن التكبيرات من الشعائر ولهذا وجب الجهر بها فوجب ضم الزوائد في