لا يكره إذا كان الميت خارج المسجد. قوله: (بناء على أن المسجد الخ) أما إذا عللنا بخوف تلويث المسجد فلا يكره إذا كان الميت خارج المسجد وحده أو مع بعض القوم اه ح. قال في شرح المنية: وإليه مال في المبسوط والمحيط، وعليه العمل وهو المختار اه.
قلت: بل ذكر في غاية البيان والعناية أنه لا كراهة فيها بالاتفاق، لكن رده في البحر. وأجاب في النهر بحمل الاتفاق على عدم الكراهة في حق من كان خارج المسجد (1)، وما مر في حق من كان داخله.
ثم اعلم أن التعليل الأول فيه خفاء، إذ لا شك أن الصلاة على الميت دعاء وذكر وهما مما بني له المسجد وإلا لزم المنع (2) عن الدعاء فيه لنحو الاستسقاء والكسوف، مع أن الوارد في ذلك ما رواه مسلم أن رجلا نشد في المسجد ضالة فقال (ص): لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له فليتأمل. قوله: (وهو الموافق الخ) كذا في الفتح، لكن فيه نظر، لان قوله: في المسجد يحتمل أن يكون ظرفا لصلى أو لميت أو لهما، فعلى الأول لا يكره كون الميت فيه والصلاة خارجه، وعلى الثاني لا يكر العكس، وعلى الثالث لا يكره إذا فقد أحدهما، وعلى كل فهو مخالف للمختار من إطلاق الكراهة. وأجاب في البحر بأنه لما لم يقم دليل على واحد من الاحتمالات بعينه قالوا بالكراهة بوجود أحدها أيا كان اه.
أقوله: يلزم عليه إثبات الكراهة بلا دليل، لأنه إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال، ولكن لا يخفى أن المتبادر لغة وعرفا من نحو قولك ضربت زيدا في الدار تعلق الظرف بالفعل، وأما أنه هل يقتضى كون كل من الفاعل والمفعول به أو أحدها بعينه في المكان؟ فغير لازم.
مطلب مهم إذا قال: إن شتمت فلانا في المسجد يتوقف على كون الشاتم فيه، وفي إن قتلته بالعكس نعم ذكر ضابطا لذلك في تلخيص الجامع الكبير وشرحه في باب الحنث في الشتم، وهو أن الفعل قد لا يكون له أثر في المفعول كالعلم والذكر، وقد يكون كالضرب والقتل، فإذا قال: إن شتمت زيدا في المسجد مثلا فإنما يتحقق بكون الشاتم في ذلك المكان سواء كان المشتوم فيه أيضا أو لا، لان الشتم هو ذكر المشتوم بسوء، والذاكر يقوم بالذاكر ولا أثر له في المذكور، لأنه يتحقق شتما في حق الميت والغائب فيعتبر مكان الفاعل، وأما القتل والضرب ونحوهما في مكان فيتحقق بكون المفعول به فيه سواء كان الفاعل فيه أيضا أم لا، لأن هذه الأفعال لها آثار تقوم بالمحل، فيشترط وجود المفعول به وهو المحل في ذلك المكان دون الفاعل، لان من ذبح شاة هي في المسجد وهو خارجه يسمى ذابحا في المسجد، بخلاف عكسه، ألا ترى أن الرامي إلى صيد في