والرغباء إليك، إله الخلق لبيك بحجة حقا تعبدا ورقا، لبيك إن العيش عيش الآخرة وما ليس مرويا فجائز أو حسن. قوله: (أي عليها) فالظرف بمعنى على كما أفاده الزيلعي. قال في النهر:
فافهم لان الزيادة إنما تكون بعد الاتيان بها لا في خلالها كما في السراج اه. فما مر من لبيك وسعديك الخ، ونقله في النهر عن ابن عمر: يأتي به بعد التلبية لا في أثنائها، فافهم. قوله: (تحريما لقوله إنها مرة شرط) تبع فيه النهر مخالفا للبحر، ولا يخفى ما فيه، فإنه إن أراد أن الشرط خصوص الصيغة المارة ففيه أن ظاهر المذهب كما في الفتح أنه يصير محرما بكل ثناء وتسبيح وقد مر، وإن أراد بها مطلق الذكر فلا يفيد مدعاه وهو كراهة نقص هذه الصيغة تحريما، فالحق ما في البحر من أن خصوص التلبية سنة، فإذا تركها أصلا ارتكب كراهة التنزيه، فإذا نقص عنها فكذلك بالأولى، وأن قول الكافي النسفي: لا يجوز، فيه نظر ظاهر، وقول من قال: إنها شرط، مراده ذكر، يقصد به التعظيم لا خصوصها اه. قوله: (والزيادة سنة) أي تكرارها كما قدمناه عن اللباب، وأما الزيادة على الصيغة المارة فقد مر أنها مندوبة، وهو معنى ما في الكافي وغيره أنها مستحبة، فافهم. قوله:
(وبترك رفع الصوت بها) أي بالتلبية، ومقتضاه أن الرفع سنة، وبه صرح في النهر عن المحيط، وهو خلاف ما قدمناه، وصرح به في البحر والفتح من أنه مستحب، لكن ذكر في البحر في غير هذا الموضع أن الإساءة دون الكراهة فلا يلزم من قول الشارح تبعا للمحيط أنه يكون مسيئا بتركه أن يكون سنة مؤكدة. تأمل.
مطلب فيما يصير به محرما قوله: (وإذا لبى ناويا) قيل الأولى أن يقول: وإذا نوى ملبيا، لان عبارته تفيد أنه يصير شارعا بالتلبية بشرط النية والواقع عكسه اه: أي على ما قول الحسام الشهيد كما مر أول الباب، والجواب كما في الفتح تبعا للزيلعي أهذه العبارة لا يستفاد منها إلا أنه يصير محرما عند النية والتلبية، أما إن الاحرام بهما أو بأحدهما بشرط الآخر فلا، فالعبارتان على حد سواء كما ذكره في النهر، فافهم. قوله: (نسكا) أي معينا كحج أو عمرة أو مبهما لما مر، ويأتي أيضا أن صحة الاحرام لا تتوقف على نية النسك: أي على تعيينه، وليس المراد أنها لا تتوقف على نية نسك أصلا، فافهم. قوله: (أو ساق الهدي الخ) بيان لما يقوم مقام التلبية من الافعال كما يأتي، لكن لو حذف هذا واقتصر على قوله: أو قلد بدنة الخ كما فعل في الكنز لكان أخصر وأظهر، لان الهدى يشمل الغنم، بخلاف البدنة، فإنها تخص الإبل والبقر، وإذا قلد شاة لم يكن محرما وإن ساقها كما صرح به في البحر وسيأتي، ولذا اعترض في شرح اللباب على قوله: ويقوم تقليد الهدي مقام التلبية: كان حقه أن يعبر بالبدنة بدل الهدي.
وحاصل المسألة كما في شرح اللباب إن قامة البدن مقام التلبية شرائط. فمنها النية، ومنها سوق البدنة والتوجه معها أو الادراك والسوق إن بعث بها ولم يتوجه معها إلا في بدنة المتعة والقران، فلو قلد هديه ولم يسق، أو ساق ولم يتوجه معه ثم توجه بعد ذلك يريد النسك:
فإن كانت البدنة لغير المتعة والقران لا يصير محرما حتى يلحقها، فإذا أدركها وساقها صار محرما.