مطلب في الاخذ من اللحية قوله: (وأما الاخذ منها الخ) بهذا وفق في الفتح بين ما مر وبين ما في الصحيحين عن ابن عمر عنه (ص): أحفوا الشوارب واعفوا اللحى قال: لأنه صح عن ابن عمر راوي هذا الحديث أنه كان يأخذ الفاضل عن القبضة، فإن لم يحمل على النسخ كما هو أصلنا في عمل الراوي على خلاف مرويه مع أنه من غير الراوي، وعن النبي (ص) يحمل الاعفاء على إعفائها عن أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم، ويؤيده ما في مسلم عن أبي هريرة عنه (ص): جزوا الشورب واعفوا اللحى، خالفوا المجوس فهذه الجملة واقعة موقع التعليل، وأما الاخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة، ومخنثه الرجال فلم يبحه أحد اه ملخصا.
مطلب في حديث التوسعة على العيال والاكتحال يوم عاشوراء قوله: (وحديث التوسعة الخ) وهو: من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه السنة كلها قال جابر: جربته أربعين عاما فلم يتخلف ط. وحديث الاكتحال هو ما رواه البيهقي وضعفه:
من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا ورواه ابن الجوزي في الموضوعات: من اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينه تلك السنة فتح.
قلت: ومناسبة ذكر هذا هنا أن صاحب الهداية استدل على عدم كراهة الاكتحال للصائم بأنه عليه الصلاة والسلام قد ندب إليه يوم عاشوراء وإلى الصوم فيه. قال في النهر: وتعقبه ابن العز بأنه لم يصح عنه (ص) في يوم عاشوراء غير صومه، وإنما الروافض لما ابتدعوا إقامة المأتم وإظهار الحزن يوم عاشوراء لكون الحسين قتل فيه ابتدع جهلة أهل السنة إظهار السرور واتخاذ الحبوب والأطعمة والاكتحال، ورووا أحاديث موضوعة في الاكتحال وفي التوسعة فيه على العيال اه. وهو مردود بأن أحاديث الاكتحال فيه ضعيفة لا موضوعة، كيف وقد خرجها في الفتح. ثم قال: فهذه عدة طرق إن لم يحتج بواحد منها، فالمجموع يحتج به لتعدد الطرق، وأما حديث التوسعة فرواه الثقاة، وقد أفرده ابن القرافي في جزء خرجه فيه اه. ما في النهر. وهو مأخوذ من الحواشي السعدية، لكنه زاد عليه ما ذكره في أحاديث الاكتحال وما ذكره عن الفتح، وفيه نظر، فإنه في الفتح ذكر أحاديث الاكتحال للصائم من طرق متعددة بعضها مقيد بعاشوراء، وهو ما قدمناه عنه، وبعضها مطلق، فمراده الاحتجاج بمجموع أحاديث الاكتحال للصائم، ولا يلزم منه الاحتجاج بحديث الاكتحال يوم عاشوراء، كيف وقد جزم بوضعه الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة وتبعه غيره منهم منلا علي القاري في كتاب الموضوعات، ونقل السيوطي في الدرر المنتثرة عن الحاكم أنه منكر. وقال الجراحي في كشف الخفا ومزيل الالباس: قال الحاكم أيضا: الاكتحال يوم عاشوراء لم يرد عن النبي (ص) فيه أثر، وهو بدعة، نعم حديث التوسعة ثابت صحيح كما قال الحافظ السيوطي في الدرر. قوله: (كما زعمه ابن عبد العزيز) الذي في النهر والحواشي السعدية ابن العز.
قلت: وهو صاحب النكت على مشكلات الهداية كما ذكره في السعدية في غير هذا المحل.
قوله: (ولا سواك بل يسن للصائم كغيره، صرح به في النهاية لعموم قوله (ص): لولا أن أشق على