فيلقنهما قطعا مع لفظ أشهد لوجوبه إذ لا يصير مسلما إلا بهما اه.
قلت: وقد يشير إليه تعبير الهداية والوقاية والنقاية والكنز بتلقين الشهادة، وفي التاترخانية كان أبو حفص الحداد يلقن المريض بقوله: أستغفر الله الذي لا إله هو الحي القيوم وأتوب إليه، وكان يقول فيها معان: أحدها توبة، والثاني توحيد، والثالث أن المريض ربما يفزع لان الملقن رأى فيه علامات الموت، ولعل أقرباء الميت يتأذون به. قوله: (عنده) متعلق بذكر. قوله: (قبل الغرغرة) لأنها تكون قرب كون الروح في الحلقوم، وحينئذ لا يمكن النطق بهما ط. وفي القاموس: غرغر:
جاد بنفسه عند الموت اه.
قلت: وكأنها مأخوذة من غرغر بالماء إذا أداره في حلقه، فكأنه يدير روحه في حلقه.
مطلب في قبول توبة اليأس قوله: (واختلف في قبول توبة اليأس) بالياء المثناة التحتية ضد الرجاء وقطع الامل من الحياة، أو بالموحدة التحتية، والمراد به الشدة وأهوال الموت، ويحتمل مد الهمزة على أنه اسم فاعل وإسكانها على المصدرية بتقدير مضاف. قوله: (والمختار الخ) أقول: قال في أواخر البزازية: قيل توبة اليأس مقبولة لا إيمان اليأس، وقيل: لا تقبل كإيمانه، لأنه تعالى سوى بين من أخر التوبة إلى حضور الموت من الفسقة والكفار وبين من مات على الكفر في قوله: * (وليست التوبة) * (النساء: 81) الآية، كما في الكشاف والبيضاوي والقرطبي، وفي الكبير للرازي قال المحققون: قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة، بل المانع منه مشاهدة الأهوال التي يحصل العلم عندها على سبيل الاضطرار، فهذا كلام الحنفية والمالكية والشافعية من المعتزلة والسنية والأشاعرة أن توبة اليأس لا تقبل كإيمان اليأس بجامع عدم الاختيار، وخروج النفس من البدن، وعدم ركن التوبة، وهو العزم بطريق التصميم على أن لا يعود في المستقبل إلى ما ارتكب، وهذا لا يتحقق في توبة اليأس إن أريد باليأس معاينة أسباب الموت بحيث يعلم قطعا أن الموت يدركه لا محالة كما أخبر لا محالة كما أخبر تعالى عنه بقوله: * (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * غافر: 58) وقد ذكر في بعض التفاوى أن توبة اليأس مقبولة، فإن أريد باليأس ما ذكرنا يرد عليه ما قلنا، وإن أريد به القرب من الموت فلا كلام فيه، لكن الظاهر أن اليأس زمان معاينة الهول، والمسطور في الفتاوى أن توبة اليأس مقبولة لا إيمانه، لان الكافر أجنبي غير عارف بالله تعالى ويبدأ إيمانا وعرفانا، والفاسق عارف وحاله حال البقاء، والبقاء أسهل، والدليل على قبولهما منه مطلقا إطلاق قوله تعالى: * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) * اه. ملخصا.
وظاهر آخر كلامه اختيار التفضيل، وعزاه إلى مذهب الماتريدية الشيخ عبد السلام في شرح منظومه والده اللقاني وقال: وعند الأشاعرة لا تقبل حال الغرغرة توبة ولا غيرها، كما قاله النووي اه.
وانتصر للثاني الملة علي القاري في شرحه على بدء الأمالي بإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر أخرجه أبو داود، فإنه يشمل توبة المؤمن والكافر.
واعترض قول بعض الشراح: إن التفصيل مختار أئمة بخارى من الحنفية وجمع من الشافعية كالسبكي والبلقيني بأنه على تقدير صحته يحتاج إلى ظهور حجته اه.