في فتاواه، وكذا تلميذ الشارح الشيخ إسماعيل الحائك مفتي دمشق وقال: حتى تفسد الإجارة باشتراط خراجها أو عشرها على المستأجر كما في الأشباه، وكذا حامد أفندي العمادي، وقال في فتاواه قلت: عبارة الحاوي القدسي لا تعارض عبارة غيره، فإن قاضيخان من أهل الترجيح، فإن من عادته تقديم الأظهر والأشهر وقد قدم قول الإمام فكان هو المعتمد، وأفتى به غير واحد منهم زكريا أفندي شيخ الاسلام وعطاء الله أفندي شيخ الاسلام، وقد اقتصر عليه في الإسعاف والخصاف اه.
قلت: لكن في زماننا عامة الأوقاف من القرى والمزارع لرضا المستأجر بتحمل غراماتها ومؤنها يستأجرها بدون أجر المثل بحيث لا تفي الأجرة، ولا أضعافها بالعشر أو خراج المقاسمة، فلا ينبغي العدول عن الافتاء بقولهما في ذلك لأنهم في زماننا يقدرون أجرة المثل بناء على أن الأجرة سالمة لجهة الوقف ولا شئ عليه من عشر وغيره، أما لو اعتبر دفع العشر من جهة الوقف وأن المستأجر ليس عليه سوى الأجرة فإن أجرة المثل تزيد أضعافا كثيرة كما لا يخفى، فإن أمكن أخذ الأجرة كاملة يفتى بقول الإمام، وإلا فبقولهما لما يلزم عليه من الضرر الواضح الذي لا يقول به أحد، والله تعالى أعلم.
مطلب: هل يجب العشر على المزارعين في الأراضي السلطانية تتمة: في التاترخانية: السلطان إذا دفع أراضي لا مالك لها وهي التي تسمى الأراضي المملكة إلى قوم ليعطوا الخراج جاز، وطريق الجواز أحد شيئين. إما إقامتهم مقام الملاك في الزراعة وإعطاء الخراج أو الإجارة بقدر الخراج ويكون المأخوذ منهم خراجا في حق الامام أجرة في حقهم اه.
ومن هذا القبيل الأراضي المصرية والشامية كما قدمناه. ويؤخذ من هذا أنه لا عشر على المزارعين في بلادنا إذا كانت أراضيهم غير مملوكة لهم، لان ما يؤخذه منهم نائب السلطان وهو المسمى بالزعيم أو التيماري إن كان عشرا فلا شئ عليهم غيره، وإن كان خراجا فكذلك لأنه لا يجتمع مع العشر، وإن كان أجرة فكذلك على قول الإمام من أنه لا عشر على المستأجر، وأما على قولهما فالظهر أنه كذلك لما علمت من أن المأخوذ ليس أجرة من كل وجه لأنه خراج في حق الامام.
تأمل. قوله: (وفي المزارعة الخ) قال في النهر: ولو دفع الأرض العشرية مزارعة إن البذر من قبل العامل فعلى رب الأرض في قياس قوله لفسادها، وقالا في الزرع لصحتها، وقد اشتهر أن الفتوى على الصحة وإن من قبل رب الأرض كان عليه إجماعا اه. ومثله في الخانية والفتح.
والحاصل أن العشر عند الامام على رب الأرض مطلقا، وعندهما كذلك لو البذر منه ولو من العامل فعليهما، وبه ظهر أن ما ذكره الشارح هو قولهما اقتصر عليه لما علمت من أن الفتوى على قولهما بصحة المزارعة، فافهم.
لكن ما ذكر من التفصيل يخالفه ما في البحر و المجتبى والمعراج والسراج والحقائق والظهيرية وغيرهما من أن العشر على رب الأرض عنده عليهما عندهما من غير ذكر هذا التفصيل وهو الظاهر، لما في البدائع من أن المزارعة جائرة عندهما، والعشر يجب في الخارج، والخارج بينهما فيجب العشر عليهما اه. وفي شرح درر البحار: عشر جميع الخارج على رب الأرض عنده، لان المزارعة فاسدة عنده، فالخارج له إما تحقيقا أو تقديرا، لان البذر إن كان من قبله فجميع الخارج له وللمزارع