تعالى ما نصه: أخبرنا مالك عن نافع، عن عبد الله بن عمر أنه رأى رجلا ركع ركعتي الفجر ثم اضطجع، فقال ابن عمر: ما شأنه؟ فقال نافع قلت: يفصل بين صلاته، فقال ابن عمر: وأي فصل أفضل من السلام؟ قال محمد: وبقول ابن عمر نأخذ، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ا ه.
وقال شارحه المحقق منلا علي القاري: وذلك لان السلام إنما ورد للفصل، وهو لكونه واجبا أفضل من سائر ما يخرج من الصلاة من الفعل والكلام، وهذا لا ينافي ما سبق من أنه عليه الصلاة والسلام كان يضطجع في آخر التهجد، وتارة أخرى بعد ركعتي الفجر في بيته للاستراحة ا ه. ثم قال: وقال ابن حجر المكي في شرح الشمائل: روى الشيخان أنه (ص) كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن فتسن هذه الضجعة بين سنة الفجر وفرضه لذلك، ولامره (ص) كما رواه أبو داود وغيره بسند لا بأس به، خلافا لمن نازع وهو صريح في ندبها لمن بالمسجد وغيره، خلافا لمن خص ندبها بالبيت، وقول ابن عمر: إنها بدعة، وقول النخعي: إنها ضجعة الشيطان، وإنكار ابن مسعود لها فهو لأنه لم يبلغهم ذلك. وقد أفرط ابن حزم في قوله بوجوبها وأنها شرط لصلاة الصبح ا ه. ولا يخفى بعد عدم البلوغ إلى هؤلاء الأكابر الذين بلغوا المبلغ الاعلى، لا سيما ابن مسعود الملازم له (ص) حضرا وسفرا، وابن عمر المتفحص عن أحواله (ص) في كمال التتبع والاتباع، فالصواب حمل إنكارهم على العلة السابقة من الفصل أو على فعله في المسجد بين أهل الفضل، وليس أمره (ص) على تقدير صحته صريحا ولا تلويحا على فعله بالمسجد، إذ الحديث كما رواه أبو داود والترمذي وابن حبان عن أبي هريرة إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على جنبه الأيمن فالمطلق محمول على المقيد. على أنه لو كان هذا في المسجد شائعا في زمانه (ص) لما كان يخفى على هؤلاء الأكابر الأعيان ا ه. وأراد بالمقيد ما مر من قوله: بعد ركعتي الفجر في بيته.
وحاصله أن اضطجاعه عليه الصلاة والسلام إنما كان في بيته للاستراحة لا للتشريع، وإن صحح حديث الامر بها الدال على أن ذلك للتشريع يحمل على طلب ذلك في البيت فقط توفيقا بين الأدلة، والله تعالى أعلم. قوله: (فهو السنة) لان النذر لا يخرجها عن كونها سنة، كما لو شرع فيها ثم قطعها ثم أداها كانت سنة وزادت وصف الوجوب بالقطع. نهر عن عقد الفرائض. قوله: (أراد النوافل) في القنية: أداء النفل بعد النذر أفضل من أدائه بدون النذر ا ه. قال في البحر: ويشكل عليه ما رواه مسلم في صحيحه من النهي عن النذر، هو مرجح لقول من قال لا ينذرها، لكن بعضهم حمل النهي على النذر المعلق على شرط لأنه يصير حصول الشرط كالعوض للعبادة، فلم يكن مخلصا. ووجه من قال بنذرها وإن كانت تصير واجبة بالشروع أن الشروع في النذر يكون واجبا فيحصل له ثواب الواجب به، بخلاف النفل، والأحسن عند العبد الضعيف أن لا ينذرها خروجا عن عهدة النهي بيقين ا ه.
مطلب في الكلام على حديث النهي عن النذر أقول: لفظ حديث النهي كما رواه البخاري أيضا في صحيحه عن ابن عمر نهى النبي (ص) عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل والمتبادر منه إرادة النذر المعلق، كإن شفى الله مريضي فلله علي كذا. ووجه النهي أنه لم يخلص من شائبة العوض حيث جعل القربة في مقابلة الشفاء ولم تسمح نفسه بها بدون المعلق عليه مع ما فيه من إيهام اعتقاد التأثير للنذر في حصول الشفاء فلذا قال في الحديث إنه لا يرد شيئا الخ فإن هذا الكلام قد وقع موقع التعليل