الحج لا يختلف باختلاف السنين، ففي أي سنة حصل فيها وقع عنه، ولا يخفى أن الأولى إيقاعه في السنة المعينة خوفا من ذهاب النفقة أو تعطل الحج ط. قوله: (والأفضل أن يعود إليه) أي إلى منزل الآمر المذكور في المتن. قال في البحر: ولو أحج رجلا فحج ثم أقام بمكة جاز، لان الفرض صار مؤدى، والأفضل أن يحج ثم يعود إلى أهله، فافهم قوله: (وعليه رد ما فضل من النفقة) قال في البحر: فالحاصل أن المأمور لا يكون ملكا لما أخذه من النفقة، بل يتصرف فيه على ملك الآمر حيا كان أو ميتا معينا كان القدر أولا، ولا يحل له الفضل إلا بالشرط الآتي، سواء كان الفضل كثيرا أو يسيرا كيسير من الزاد، كما صرح به في الظهيرية ا ه.
قلت: وهذا مما يدل على أن الاستئجار على الحج لا يصح عند المتأخرين كما قدمنا الكلام عليه، فافهم. قوله: إلا أن يوكله الخ) قال في الفتح: وإذا أراد أن يكون ما فضل للمأمور يقول له: وكلتك أن تهب الفضل من نفسك وتقبضه لنفسك، فإن كان على موت قال: والباقي مني لك وصية ا ه. زاد في اللباب: وإن لم يعين الآمر رجلا يقول للوصي: أعط ما بقي من النفقة من شئت، وإن أطلق فقال: وما يبقى من النفقة فهو للمأمور، فالوصية باطلة ا ه. أي لأنها لمجهول.
قوله: (ولوارثه الخ) هذه المسألة تقدمت عند. قوله: إن وفى به ثلثه لكن ذكرت في كل من الموضعين مع زيادة، لم توجد في الآخر، ففي الأول زاد الوصي، والتفصيل في نفقة الرجوع وفي هذا زاد قوله كذا إن أحرم الخ وكان عليه أن ينظمهما في سلك واحد ح. قوله: (وكذا إن أحرم وقد دفع إليه ليحج عنه وصيه الخ) هذا التركيب فاسد المعنى. ووجد في نسخة ليحج عنه بلا وصية وهي الصواب، لان المراد أن المحجوج عنه إذا لم يوص بالحج ولكنه دفع إلى رجل ليحج عنه ثم مات الدافع فللورثة استرداد المال الباقي من الرجل، وإن أحرم بالحج. قال في النهر:
وقيدنا بكون الآمر أوصى بالحج عنه لما في المحيط: لو دفع إلى رجل مالا ليحج به عنه فأهل بحجة ثم مات الآمر فلورثته أن يأخذوا ما بقي من المال معه ويضمنونه ما أنفق بعد موته لان نفقة الحج كنفقة ذوي الأرحام تبطل بالموت ا ه. قوله: (وللوصي أن يحج الخ) قال في فتح القدير: ولا يجوز الاستئجار على الطاعات، وعن هذا قلنا: لو أوصى أن يحج عنه ولم يزد على ذلك كان للوصي أن يحج عنه بنفسه إلا أن يكون وارثا، أو دفعه لوارث ليحج فإنه لا يجوز إلا أن تجيز الورثة وهم كبار، لان هذا كالتبرع بالمال فلا يصح للوارث إلا بإجازة الباقين، ولو قال الميت للوصي: ادفع المال لمن يحج عني لم يجز له أن يحج بنفسه مطلقا اه. قوله: (ولو قال منعت) أي عن الحج وكذبوه، أي الورثة لم يصدق، ويضمن ما أنفقه من مال الميت إلا أن يكون أمرا ظاهرا يشهد على صدقه. لان سبب الضمان قد ظهر فلا يصدق في دفعه إلا بظاهر يدل على صدقه. فتح. قوله:
(صدق بيمينه) لأنه يدعي الخروج عن عهدة ما هو أمانة في يده. فتح. قوله: (إلا الخ أي فإنه لا يصدق إلا ببينة لأنه يدعي قضاء الدين هكذا في كثير من الكتب، وعليه المعول خلافا لما في خزانة