قالوا فيما لو دفعها إلى الفقير بنفسه، فافهم. قوله: (وصوم) معنى كونه بدنيا أن فيه ترك أعمال البدن. نهر عن الحواشي السعدية، والأولى أن يقال: إن الصوم إمساك عن المفطرات: أي منع النفس عن تناولها، والمنع من أعمال البدن. قوله: (والمركبة منهما) قال في غاية السروجي وفي المبسوط: جعل المال في الحج شرط الوجوب، فلم يكن الحج مركبا من البدن والمال.
قلت: وهو أقرب إلى الصواب، ولهذا لا يشترط المال في حق المكي إذا قدر على المشي إلى عرفات وفي قاضيخان: الحج عبادة بدنية كالصوم والصلاة اه. وكون الحج يشترط له الاستطاعة وهي ملك الزاد والراحلة لا يستلزم أن الحج مركب من المال، لان الشرط غير المشروط، والشئ لا يتركب من شرطه، كما أن صحة الصلاة يشترط لها ستر العورة والمال للطهارة وهما بالمال، ولم يقلب أحد بأنها مركبة من المال اه. كذا ذكره بعض المحشين، وقدمنا جوابه في أول الحج. قوله: (كحج الفرض) أطلقه فشمل الحجة المنذورة كما في البحر، وقيد به نظر الشرط دوام العجز إلى الموت، لان الحج النفل يقبل النيابة من غير اشتراط عجز فضلا عن دوامه كما ستأتي ح. ومن هذا القسم الجهاد لا من قسم البدنية فقط كما توهم، بل هو أولى من الحج، إذ لا بد له من آلة الحرب، أما الحج فقد يكون بلا مال، كحج المكي، وتمام تحقيقه في شرح ابن كمال. قوله: (لأنه فرض العمر) تعليل لاشتراط دوام العجز إلى الموت: أي فيعتبر فيه عجز مستوعب لبقية العمر ليقع به اليأس عن الأداء بالبدن، ابن كمال عن الكافي. فافهم.
تنبيه: محل وجوب الإحجاج على العاجز إذا قدر عليه ثم عجز بعد ذلك عند الامام. وعندهما يجب الإحجاج عليه إن كان له مال، ولا يشترط أن يجب عليه وهو صحيح. زيلعي.
والحاصل أن من قدر على الحج وهو صحيح، ثم عجز لزمه الإحجاج اتفاقا، أما من لم يملك مالا حتى عجز عن الأداء بنفسه فهو على الخلاف. وأصله أن صحة البدن شرط للوجوب عنده، ولوجوب الأداء عندهما، وقدمنا أول الحج اختلاف التصحيح وأن قول الإمام هو المذهب.
قوله: (حتى تلزم الإعادة بزوال العذر) أي العذر الذي يرجى زواله كالحبس والمرض، بخلاف نحو العمى، لاف إعادة لو زال على ما يأتي. قوله: (وبشرط نية الحج عنه) كان ينبغي للمصنف ذكر هذا عند قوله بعده وبشرط الامر لان ما بينهما من تمام الشرط الأول. قوله: (ولو نسي اسمه الخ) ولو أحرم مبهما: أي بأن أحرم بحجة وأطلق النية عن ذكر المحجوج عنه، فله أن يعينه من نفسه أو غيره قبل الشروع في الافعال كما في اللباب وشرحه. وقال في الشرح بعد أن نقل عن الكافي إنه لا نص فيه، وينبغي أن يصح التعيين إجماعا: لا يخفى أن محل الاجماع إذا لم يكن عليه حجة الاسلام، وإلا فلا يجوز له أن يعين غيره، بل ولو عين غيره لوقع عنه عند الشافعي. قوله: (كالحبس والمرض) أشار إلى أنه لا فرق بين كون العذر سماويا أو بصنع العباد.