آخر الحج. ونقل ط عن بعض الشافعية: أن أفضل الليالي ليلة مولده (ص)، ثم ليلة القدر، ثم ليلة الاسراء والمعراج، ثم ليلة عرفة، ثم ليلة الجمعة، ثم ليلة النصف من شعبان، ثم ليلة العيد. قوله:
(وصلى الفجر بغلس) أي ظلمة فأول وقتها، ولا يسن ذلك عندنا إلا هنا، وكذا يوم عرفة في منى على ما مر عن الخانية، وقدمنا أن الأكثر على خلافه. قوله: (لأجل الوقوف) أي لأجل امتداد.
مطلب في الوقوف بمزدلفة قوله: (ثم وقف) هذا الوقف واجب عندنا لا سنة، والبيتوتة بمزدلفة سنة مؤكدة إلى الفجر لا واجبة، خلافا للشافعي فيهما كما في اللباب وشرحه. قوله: (ووقته الخ) أي وقت جوازه. قال في اللباب: أول وقته طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، وآخره طلوع الشمس منه، فمن وقف بها قبل طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس لا يعتد به، وقدر الواجب منه ساعة ولو لطيفة، وقدر السنة امتداد الوقوف إلى الاسفار جدا، وأما ركنه فكينونته بمزدلفة سواء كان بفعل نفسه أو فعل غيره بأن يكون محمولا بأمره أو بغير أمره، وهو نائم مغمى عليه أو مجنون أو سكران، نواه أو لم ينو، علم، بها أو لم يعلم. لباب. قوله: (كرحمة) عبارة اللباب: إلا إذا كان لعلة أو ضعف، أو يكون امرأة تخاف الزحام فلا شئ عليه اه لكن قال في البحر: ولم يقيد في المحيط خوف الزحام بالمرأة، بل أطلقه فشمل الرجل اه.
قلت: وهو شامل لخوف الزحمة عند الرومي، فمقتضاه أنه لو دفع ليلا ليرمي قبل دفع الناس وزحمتهم لا شئ عليه، لكن لا شك أن الزحمة عند الرمي وفي الطريق قبل الوصول إليه أمر محقق في زماننا، فيلزم منه سقوط واجب الوقوف بمزلفة، فالأولى تقييد خوف الزحمة بالمرأة، ويحمل اطلاق المحيط عليه لكون ذلك عذرا ظاهرا في حقها يسقط به الواجب، بخلاف الرجل، أو يحمل على ما إذا خاف الزحمة لنحو مرض، ولذا قال في السراج: إلا إذا كانت به علة أو مرض أو ضعف فخاف الزحام فدفع ليلا فلا شئ عليه اه. لكن قد يقال: إن غيره من مناسك الحج لا يخلو من الزحمة، وقد صرحوا بأنه لو أفاض من عرفات لخوف الزحام وجاوز حدودها قبل الغروب لزمه دم ما لم يعد قبله وكذا لو ند بعيره فتبعه كما صرح به في الفتح، على أنه يمكنه الاحتراز عن الزحمة بالوقف بعد الفجر لحظة فيحصل الواجب ويدفع قبل دفع الناس، وفيه ترك مد الوقوف المسنون لخوف الزحمة، وهو أسهل من ترك الواجب الذي قيل بأنه ركن. وقد يجاب بأن خوف الزحام لنحو عجز ومرض إنما جعلوه عذرا هنا لحديث أنه (ص): قدم ضعفة أهله بليل ولم يجعل عذرا في عرفات لما فيه من إظهار مخالفة المشركين فإنهم كانوا يدفعون قبل الغروب، فليتأمل. قوله: (لا شئ عليه) وكذا كل واجب إذا تركه بعذر لا شئ عليه كما في البحر: أي بخلاف فعل المحظور لعذر كلبس المخيط ونحوه، فإن العذر لا يسقط كما سيأتي في الجنايات، وبه سقط ما أورده في الشرنبلالية بقوله: لكن يرد عليه ما نص الشارع بقوله: * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية) * (البقرة: 691) اه. نعم يرد ما قدمناه آنفا ن الفتح من أنه لو جاوز عرفات قبل الغروب لند بعيره أو لخوف الزحمة لزمه دم، وقد يجاب بما سيأتي عن شرح اللباب في الجنايات عند قول اللباب. ولو فاته الوقوف بمزدلفة بإحصار فعليه دم من أن هذا عذر من جانب المخلوق فلا