فإن قلت: ما مر من تعليل جواز حج الوارث بوجود الامر دلالة يقتضي وقوع الأعمال عن الميت، لأنه لو أمره صريحا وقعت عنه بلا شبهة، فخالف ما اقتضاه إطلاق الفتح وغيره. وحينئذ فلا يمكن سقوط فرض العامل بذلك أيضا.
قلت قد علمت أن الامر دلالة ليس كالأمر صريحا من كل وجه، ولذا صح تعيين أحد أبويه بعد الابهام، ولو أمره صريحا لم يصح كالأجنبيين كما قدمنا، فلو اقتضى الامر دلالة وقوع الأعمال عن الميت لم يصح التعيين فقلنا بوقوع الأعمال للعامل، وكذا فيسقط فرضه بها، وكذا يسقط فرض الأب أو الام عملا بالأحاديث المذكورة، والله أعلم. هذا غاية ما وصل إليه فهمي القاصر في تحرير هذه المواضع المشكلة التي لم أر من أوضحها هذا الايضاح، ولله الحمد. قوله: (وفي الحديث) كلامه يوهم أن هذا الحديث واحد مع أنه مأخوذ من حديثين كما علمت مع تغيير بعض اللفظ بناء على الصحيح من جواز رواية الحديث بالمعنى للعارف اه ح. قوله: (لا غير) أي لا غير دم الاحصار من باقي الدماء الثلاثة، وهو ذم الشكر في القران والتمتع ودم الجناية. قوله: (على الآمر) هذا عندهما وعليه المتون، وعند أبي يوسف: على المأمور. قوله: (قيل من الثلث) لان الوصية بالحج تنفذ من الثلث، وهذا من توابع الوصية، وقيل من الكل لأنه دين وجب حقا للمأمور على الميت فيقضى من جميع ماله، كما لو أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه فباعه الوصي وضاع الثمن من يده ثم استحق العبد فإن المشتري يرجع بالثمن على الوصي، ويرجع الوصي في قول أبي حنيفة الأخير في جميع التركة من شرح الجامع لقاضيخان، واستوجه ط الأول والرحمتي الثاني. قوله: (ثم إن فاته الخ) أي فات المأمور المعلوم من المقام، وأطلق ألفوا ت فشمل ما يكون بسبب الاحصار وغيره، فإن الاحصار يمكن أن يكون بتقصير منه كأن تناول دواء ممرضا قصدا حتى أحصره.
أفاده ح.
هذا، وقد صرحوا بأن عليه الحج من قابل بمال نفسه كفائت الحج كما في البحر. ثم قال:
ولم يصرحوا بأنه في الاحصار والفوات إذا قضى الحج، هل يكون عن الآمر أو يقع المأمور، وإذا كان للآمر فهل يجبر على الحج من قابل بمال نفسه؟ اه.
أقول: قال في البدائع: فإن فاته الحج يصنع ما يصنعه فائت الحج بعد شروعه، ولا يضمن النفقة لأنه فاته بغير صنعه، وعليه في نفسه الحج من قابل، لان الحجة قد وجبت عليه بالشروع فلزمه قضاؤها وهذا على قول محمد ظاهر، لان الحج عنده يقع عن الحاج اه. ونقله في النهر عن السراج، ثم قال: وعلى قول غير محمد من أنه يقع عن الآمر ينبغي أن يكون القضاء عن الآمر وتلزمه النفقة اه. ويؤيده أنه صرح في اللباب بأنه إن فاته بآفة سماوية لم يضمن ويستأنف الحج عن الميت: أي بناء على قول غير محمد. فعلم أن على قول محمد عليه الحج عن نفسه، وعلى قول غيره عن الميت. وظاهره أنه يجب عليه من ماله، لكن في التاترخانية عن المتنقى قال محمد: يحج