بماله كله فإنها باطلة على الأصح وبزائد على حصته ما لو أوصى لوارث بقدر إرثه فإن فيه تفصيلا يأتي بين المشاع والمعين، وبالمطلقين التصرف ما لو كان فيهم صغير أو مجنون أو محجور عليه بسفه فلا تصح منه الإجازة ولا من وليه.
تنبيه: في معنى الوصية للوارث الوقف عليه وإبراؤه من دين عليه أوهبته شيئا فإنه يتوقف على إجازة بقية الورثة. نعم يستثنى من الوقف صورة واحدة وهي ما لو وقف ما يخرج من الثلث على قدر نصيبهم كمن له ابن وبنت وله دار تخرج من ثلثه فوقف ثلثيها على الابن وثلثها على البنت فإنه ينفذ ولا يحتاج إلى إجازة في الأصح.
فائدة: من الحيل في الوصية للوارث أن يقول: أوصيت لزيد بألف إن تبرع لولدي بخمسمائة مثلا فإذا قبل لزمه دفعها إليه ولا عبرة برد بقية الورثة وإجازتهم للوصية في حياة الموصي إذ لا استحقاق لهم قبل موته، والعبرة في كون الموصى له وارثا بوقت الموت، فلو أوصى لأخيه فحدث له ابن قبل موته صحت، أو أوصى لأخيه وله ابن فمات قبل موت الموصي فهي وصية لوارث، والوصية لكل وارث بقدر حصته شائعا من نصف أو غيره لغو لأنه يستحقه بغير وصية. وخرج بكل وارث ما لو أوصى لبعضهم بقدر حصته شائعا، كأن أوصى لاحد بنيه الثلاثة بثلث ماله فإنه يصح ويتوقف على الإجازة فإن أجيز أخذه وقسم الباقي بينهم بالسوية. والوصية لكل وارث بعين هي قدر حصته كأن أوصى لاحد ابنيه بعبد قيمته ألف وللآخر بدار قيمتها ألف وهما ما يملكه صحيحة، كما لو أوصى ببيع عين من ماله لزيد ولكن يفتقر إلى الإجازة في الأصح لاختلاف الأغراض بالأعيان ومنافعها.
ثم شرع في الركن الثاني وهو الموصي بقوله: (وتصح) أي تجوز (الوصية من كل مالك) بالغ (عاقل) حر مختار بالاجماع لأنها تبرع، ولو كافرا حربيا أو غيره، أو محجورا عليه بسفه أو فلس لصحة عبارتهم واحتياجهم للثواب، فلا تصح من صبي ومجنون ومغمى عليه ورقيق ولو مكاتبا، ومكره كسائر العقود ولعدم ملك الرقيق أو ضعفه والسكران كالمكلف.
تنبيه: دخل في الكافر المرتد فتصح وصيته. نعم إن مات أو قتل كافرا بطلت وصيته لأن ملكه موقوف على الأصح، والموصى له وهو الركن الثالث إما أن يكون معينا أو غير معين. وقد شرع المصنف رحمه الله تعالى في القسم الأول بقوله (لكل متملك) أي بأن يتصور له الملك عند موت الموصي ولو بمعاقدة وليه، فلا تصح الوصية لدابة لأنها ليست أهلا للملك. وقضية هذا أنها لا تصح لميت وهو كذلك وقول الرافعي في باب التيمم: إنه لو أوصى بماء لاولى الناس به وهناك ميت قدم على المتنجس أو المحدث الحي على الأصح ليس في الحقيقة وصية لميت بل لوليه لأنه الذي يتولى أمره، ويشترط فيه أيضا عدم المعصية وأن يكون معينا، وأن يكون موجودا فلا تصح لكافر بمسلم لكونها معصية، ولا لاحد هذين الرجلين للجهل به. نعم إن قال أعطوا هذا لاحد هذين صح كما لو قال لوكيله بعه لاحد هذين، ولا لحمل سيحدث.