استصحابا لما كان كالوديع، فلو اكترى دابة ولم ينتفع بها فتلفت أو اكتراه لخياطة ثوب أو صبغه فتلف لم يضمن سواء انفرد الأجير باليد أم لا، كأن قعد المكتري منه حتى يعمل أو أحضر منزله ليعمل كعامل القراض (إلا بعدوان) كأن ترك الانتفاع الدابة فتلفت بسبب، كانهدام سقف إصطبلها عليها في وقت لو انتفع بها فيه عادة سلمت وكأن ضربها أو نخعها باللجام فوق عادة فيهما، أو أركبها أثقل منه، أو أسكن ما اكتراه حدادا أو قصارا دق وليس هو كذلك، أو حمل الدابة مائة رطل شعير بدل مائة رطل بر أو عكسه، أو حملها عشرة أقفزة بر بدل عشرة أقفزة شعير فيصير ضامنا لها لتعديه، بخلاف ما لو حملها عشرة أقفزة شعير بدل عشرة أقفزة بر فإنه لا يضمن لخفة الشعير مع استوائهما في الحجم.
تنبيه: لا أجرة لعمل كحلق رأس وخياطة ثوب بلا شرط أجرة، وإن عرف ذلك العمل بها لعدم التزامها مع صرف العامل منفعته. هذا إذا كان حرا مطلق التصرف، أما لو كان عبدا أو محجورا عليه بسفه أو نحوه فلا إذ ليسوا من أهل التبرع بمنافعهم، وهذا بخلاف داخل الحمام بلا إذن لأنه استوفى منفعة الحمام بسكونه فيه، وبخلاف عامل المساقاة إذا عمل ما ليس عليه بإذن فإنه يستحق الأجرة للاذن في أصل العمل المقابل بعوض.
تتمة: لو قطع الخياط ثوبا وخاطه قباء وقال لمالكه: بذا أمرتني. فقال المالك: بل أمرتك بقطعه قميصا صدق المالك بيمينه، كما لو اختلفا في أصل الاذن فيحلف أنه ما أذن له في قطعه قباء ولا أجرة عليه إذا حلف. وله على الخياط أرش نقص الثوب لأن القطع بلا إذن موجب للضمان، وفيه وجهان في الروضة كأصلها بلا ترجيح أحدهما أنه يضمن ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا وصححه ابن أبي عصرون وغيره. لأنه أثبت بيمينه أنه لم يأذن في قطعه قباء. والثاني: ما بين قيمته مقطوعا قميصا ومقطوعا قباء واختاره السبكي وقال: لا يتجه غيره وهذا هو الظاهر لأن أصل القطع مأذون فيه، وعلى هذا لو لم يكن بينهما تفاوت أو كان مقطوعا قباء أكثر قيمة فلا شئ عليه. ويجب على المكري تسليم مفتاح الدار إلى المكتري إذا سلمها إليه لتوقف الانتفاع عليه، فإذا تسلمه المكتري فهو في يده أمانة فلا يضمنه بلا تفريط وهذا في مفتاح غلق مثبت. أما القفل المنقول ومفتاحه فلا يستحقه المكتري وإن اعتيد، وعمارتها على المؤجر سواء أقارن الخلل العقد كدار لا باب لها أم عرض لها دواما، فإن بادر وأصلحها فذاك وإلا فللمكتري الخيار ورفع الثلج عن السطح في دوام الإجارة على المؤجر لأنه كعمارة الدار وتنظيف عرصة الدار من ثلج وكناسة على المكتري إن حصلا في دوام المدة، فإن انقضت المدة أجبر على نقل الكناسة دون الثلج. ولو كان التراب أو الرماد أو الثلج موجودا عند العقد كانت إزالته على المؤجر إذ به يحصل به التسليم التام.