(في رد ضالته) التي هي اسم لما ضاع من الحيوان كما قاله الأزهري وغيره، أو في رد ما سواها أيضا من مال أو أمتعة ونحوها، أو في عمل كخياطة ثوب (عوضا) كثيرا كان أو قليلا (معلوما) لأنها معاوضة فافتقرت إلى صيغة تدل على المطلوب كالإجارة بخلاف طرف العامل لا يشترط له صيغة، فلو عمل أحد بقول أجنبي كأن قال زيد يقول من رد عبدي فله كذا وكان كاذبا فلا شئ له لعدم الالتزام، فإن كان صادقا فله على زيد ما التزمه إن كان المخبر ثقة، وإلا فهو كما لو رد عبد زيد غير عالم بإذنه والتزامه. ولمن رده من أقرب من المكان المعين قسطه من الجعل، فإن رده من أبعد منه فلا زيادة له لعدم التزامها، أو من مثله من جهة أخرى فله كل الجعل لحصول الغرض. وقوله عوضا معلوما إشارة إلى الركن الثالث وهو الجعل، فيشترط فيه ما يشترط في الثمن فما لا يصح ثمنا لجهل أو نجاسة أو لغيرهما يفسد العقد كالبيع، ولأنه مع الجهل لا حاجة إلى احتماله هنا كالإجارة بخلافه في العمل والعامل ولأنه لا يكاد أحد يرغب في العمل مع جهله بالجعل. فلا يحصل مقصود العقد. ويستثنى من ذلك مسألة العلج إذا جعل له الإمام إن دلنا على قلعة جارية منها، وما لو وصف الجعل بما يفيد العلم وإن لم يصح كونه ثمنا لأن البيع لازم فاحتيط له بخلاف الجعالة، وشرط في العمل وهو الركن الرابع كلفة وعدم تعينه، فلا جعل فيما لا كلفة فيه ولا فيما تعين عليه كأن قال: من دلني على مالي فله كذا والمال بيد غيره، أو تعين عليه الرد لنحو غصب وإن كان فيه كلفة لأن ما لا كلفة فيه وما تعين عليه شرعا لا يقابلان بعوض، وما لا يتعين شامل للواجب على الكفاية كمن حبس ظلما فبذل مالا لمن يتكلم في خلاصه بجاهه أو غيره فإنه جائز كما نقله النووي في فتاويه، وعدم تأقيته لأن تأقيته قد يفوت الغرض فيفسد، وسواء أكان العمل الذي يصح العقد عليه معلوما أو مجهولا عسر علمه للحاجة كما في القراض بل أولى، فإن لم يعسر علمه اعتبر ضبطه إذ لا حاجة إلى احتمال الجهل. ففي بناء حائط يذكر موضعه وطوله وعرضه وارتفاعه وما يبنى به، وفي الخياطة يعتبر وصفها ووصف الثوب. (فإذا ردها) أي الضالة، أو رد غيرها من المال المعقود عليه أو فرغ من عمل الخياطة مثلا (استحق) العامل حينئذ على الجاعل (ذلك العوض المشروط) له في مقابلة عمله وللمالك أن يتصرف في لجعل الذي شرطه للعامل بزيادة أو نقص، أو بتغيير جنسه قبل الفراغ من عمل العامل سواء أكان قبل الشروع أم بعده، كما يجوز في البيع في زمن الخيار بل أولى كأن يقول من رد عبد فله عشرة. ثم يقول فله خمسة أو عكسه أو يقول: من رده فله دينار، ثم يقول فله درهم فإن سمع العامل ذلك قبل الشروع في العمل اعتبر النداء الأخير، وللعامل ما ذكر فيه وإن لم يسمعه العامل أو كان بعد الشروع استحق أجرة المثل لأن النداء الأخير فسخ للأول، والفسخ من المالك في أثناء العمل يقتضي الرجوع إلى أجرة المثل، فلو عمل من سمع النداء الأول خاصة ومن سمع النداء الثاني استحق الأول نصف أجرة المثل والثاني نصف المسمى الثاني. والمراد بالسماع العلم وأجرة المثل فيما ذكر لجميع العمل لا للماضي خاصة.
تتمة: لو تلف المردود قبل وصوله كأن مات الآبق بغير قتل المالك له في بعض الطريق ولو بقرب دار سيده، أو غصب أو تركه العامل أو هرب ولو في دار المالك قبل تسليمه له فلا شئ للعامل