الأصح لأن لفظ البيع موضوع لملك الأعيان فلا يستعمل في المنافع، كما لا ينعقد البيع بلفظ الإجارة وكلفظ البيع لفظ الشراء، ولا يكون كناية فيها أيضا لأن قوله بعتك ينافي قوله سنة مثلا فلا يكون صريحا ولا كناية خلافا لما بحثه بعضهم من أنه فيها كناية، وترد الإجارة على عين كإجارة معين من عقار ورقيق ونحوهما، كاكتريتك لكذا سنة وإجارة العقار لا تكون إلا على العين وعلى ذمة كإجارة موصوف من دابة ونحوها لحمل مثلا، وإلزام ذمته عملا كخياطة وبناء ومورد الإجارة المنفعة لا العين على الأصح سواء أوردت على العين أم على الذمة. وشرط في الأجرة وهي الركن الرابع ما مر في الثمن، فيشترط كونها معلومة جنسا وقدرا وصفة إلا أن تكون معينة فيكفي رؤيتها، فلا تصح إجارة دار أو دابة بعمارة أو علف للجهل في ذلك، فإن ذكر معلوما وأذن له خارج العقد في صرفه في العمارة أو العلف صحت، ولا لسلخ الشاة بجلدها ولا لطحن البر مثلا ببعض دقيقه كثلثه للجهل بثخانة الجلد وبقدر الدقيق ولعدم القدرة على الأجرة حالا. وفي معنى الدقيق النخالة. وتصح إجارة امرأة مثلا ببعض رقيق حالا لارضاع باقيه للعلم بالأجرة، والعمل المكتري له إنما وقع في ملك غير المكتري تبعا. ويشترط في صحة إجارة الذمة تسليم الأجرة في المجلس، وأن تكون حالة كرأس مال السلم لأنها سلم في المنافع، فلا يجوز فيها تأخير الأجرة ولا تأجيلها ولا الاستبدال عنها ولا الحوالة بها ولا عليها، ولا الابراء منها. وإجارة العين لا يشترط في صحتها تسليم الأجرة في المجلس معينة كانت الأجرة أو في الذمة كالثمن في المبيع، ثم إن عين لمكان التسليم مكانا تعين وإلا فموضع العقد. ويجوز في الأجرة في إجارة العين تعجيل الأجرة وتأجيلها إن كانت الأجرة في الذمة كالثمن (وإطلاقها يقتضي تعجيل الأجرة) فتكون حالة كالثمن في البيع المطلق (إلا أن يشترط التأجيل) في صلب العقد فتتأجل كالثمن، ويجوز الاستبدال عنها والحوالة بها وعليها والابراء منها، فإن كانت معينة لم يجز التأجيل لأن الأعيان لا تؤجل وتملك في الحال بالعقد سواء كانت معينة أو مطلقة أم في الذمة، ملكا مراعى بمعنى أنه كل ما مضى زمن على السلامة بان أن المؤجر استقر ملكه من الأجرة على ما يقابل ذلك إن قبض المكتري العين أو عرضت عليه فامتنع، فلا تستقر كلها إلا بمضي المدة سواء انتفع المكتري أم لا لتلف المنفعة تحت يده وتستقر في إجارة فاسدة أجرة مثل بما يستقر به مسمى في صحيحه سواء أكانت مثل المسمى أم أقل أم أكثر. وهذا هو الغالب وقد تخالفها في أشياء: منها التخلية في العقار، ومنها الوضع بين يدي المكتري.
(١٦)