رضاه كالمحال عليه، ولو عفا عن عضو من أعضاء الجاني سقط كله كما أن تطليق بعض المرأة تطليق لكلها.
ولو عفا بعض المستحقين سقط أيضا وإن لم يرض البعض الآخر لأن القصاص لا يتجزأ ويغلب فيه جانب السقوط. القول في الخطأ المحض (والخطأ المحض) هو أن يقصد الفعل دون الشخص كأن (يرمي إلى شئ) كشجرة أو صيد (فيصيب) إنسانا (رجلا) أي ذكرا أو غيره (فيقتله) أو يرمي به زيدا فيصيب عمرا كما مر ولم يقصد أصل الفعل كأن زلق فسقط على غيره فمات كما مر أيضا. (فلا قود عليه) لقوله تعالى: * (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) * [/ اي فأوجب الدية ولم يتعرض للقصاص (بل تجب دية) للآية المذكورة (مخففة على العاقلة) كما ستعرفه في فصلها. (مؤجلة) عليهم لأنهم يحملونها على سبيل المواساة ومن المواساة تأجيلها عليهم (في ثلاث سنين) بالاجماع كما رواه الشافعي رضي الله عنه وغيره. (وعمد الخطأ) المسمى بشبه العمد. هو (أن يقصد ضربه) أي الشخص (بما لا يقتل غالبا) كسوط أو عصا خفيفة أو نحو ذلك (فيموت) بسببه (فلا قود عليه) لفقد الآلة القاتلة غالبا فموته بغيرها مصادفة قدر. (بل تجب دية مغلظة) لقوله (ص): ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط أو العصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها والمعنى فيه أن شبه العمد متردد بين العمد والخطأ فأعطي حكم العمد من وجه تغليظها وحكم الخطأ من وجه كونها (على العاقلة). لما في الصحيحين: أنه (ص) قضى بذلك (مؤجلة) عليهم كما في دية الخطأ.
تنبيه: جهات تحمل الدية ثلاث: قرابة، وولاء، وبيت مال لا غيرها. كزوجية وقرابة ليست بعصبة ولا الفريد الذي لا عشيرة له فيدخل نفسه في قبيلة ليعد منها. الجهة الأولى عصبة الجاني الذين يرثونه بالنسب أو الولاء إذا كانوا ذكورا مكلفين. قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: ولا أعلم مخالفا في أن العاقلة العصبة وهم القرابة من قبل الأب قال: ولا أعلم مخالفا في أن المرأة والصبي إن أيسرا لا يحملان شيئا وكذا المعتوه عندي انتهى. واستثنى من العصبة أصل الجاني وإن علا وفرعه وإن سفل لأنهم أبعاضه فكما لا يتحمل الجاني لا يتحمل أبعاضه. ويقدم في تحمل الدية من العصبة الأقرب فالأقرب. فإن لم يف الأقرب بالواجب بأن بقي منه شئ وزع الباقي على من يليه الأقرب فالأقرب ويقدم ممن ذكر مدل بأبوين على مدل بأب فإن لم يف ما عليهم بالواجب فمعتق ذكر لخبر الولاء لحمة كلحمة النسب ثم إن فقد المعتق أو لم يف ما عليه بالواجب فعصبته من نسب غير أصله وإن علا وفرعه وإن سفل، كما مر في أصل الجاني وفرعه ثم معتق المعتق ثم عصبته كذلك وهكذا ما عدا الأصل والفرع ثم معتق أب الجاني ثم عصبته ثم معتق معتق الأب وعصبته غير أصله وفرعه. وكذا أبدا وعتيق المرأة يعقله عاقلتها، ومعتقون في تحملهم كمعتق واحد