وكذلك يحبس إلى أن يقدم الغائب، كما لو وجد الحاكم مال ميت مغصوبا، والوارث غائب، فإنه يأخذه حفظا لحق الميت، وذكر ابن الصباغ أنه لا يحبس في قصاص الطرف إلى قدوم الغائب، لأن الحاكم لا ولاية له على الغائب المكلف، كما لا يأخذ ماله المغصوب، وفي كلام الامام وغيره ما ينازع فيه ويشعر بأنه يأخذ مال الغائب ويحفظه له، وأنه يحبس لقصاص الطرف، وفي أمالي السرخسي أن الشيخ أبا علي قال: لا يحبس القاتل، لأنه عقوبة زائدة، وحمل الحبس في كلام الشافعي رحمه الله على التوقف للانتظار، والصحيح الأول، وبه قطع الجماهير قال الأصحاب: وحبسه أهون عليه من تعجيل القتل، ولا طريق إلى حفظ الحق سواه.
فصل إذا كان القصاص لجماعة حضور كاملين، فليس لهم أن يجتمعوا على مباشرة قتله، لأن فيه تعذيبا، ولكن يتفقون على واحد يستوفيه، أو يوكلون أجنبيا، فإن طلب كل واحد أن يستوفيه بنفسه، أقرع، فمن خرجت قرعته، تولاه بإذن الباقين، فلو أخروا لم يكن له الاستيفاء بخلاف ما إذا تنازعوا في التزويج، فخرجت قرعة واحد، فإنه يزوج، ولا يحتاج إلى إذن الباقين، لأن القصاص مبني على الاسقاط ولجميعهم ولبعضهم تأخيره كإسقاطه، والنكاح لا يجوز تأخيره، هذا هو الصحيح، وعن القفال تفريعا أنه لا يفرع بينهم إلا بإذنهم بخلاف القرعة في القسمة وبين الأولياء، وحكى الامام وغيره وجها أنه لا حاجة بعد خروج القرعة إلى إذن الباقين، لتظهر فائدة القرعة، وإلا فاتفاقهم على واحد مغن عن القرعة، ولا شك أنه لو منع بعضهم من خرجت له القرعة من الاستيفاء، لم يكن له الاستيفاء، وهل يدخل في القرعة العاجز عن الاستيفاء، كالشيخ والمرأة؟ وجهان، وقيل:
قولان، أصحهما عند الأكثرين: لا، لأنه ليس أهلا للاستيفاء، والقرعة إنما تكون بين المستوين في الأهلية، والثاني: نعم، فإن خرجت القرعة له، وكل،