الثانية: قتل شخصا، وادعى رقه، وقال قريبه: كان حرا، فالنص أن القول قول القريب، ونص أنه لو ادعى رق المقذوف، فقيل بظاهر النصين، والأصح أن فيهما قولين، أظهرهما: تصديق القريب، لأن الغالب الثالثة: قطع طرفه، وادعى والظاهر الحرية، ولهذا حكمنا بحرية اللقيط المجهول.
الثالثة: قطع طرفه، نقصه بشلل في اليد أو الرجل أو الذكر، أو فقد أصبع أو بخرس أو عمى، وأنكره المجني عليه، ففيه نصوص وطرق مختصرها أربعة أقوال، أحدها: يصدق المجني عليه، والثاني: الجاني، والثالث: يصدق المجني عليه إلا في العضو الظاهر عند إنكار أصل السلامة، لأنه يمكن إقامة البينة، والمراد بالعضو الباطن ما يعتاد ستره مروءة، وقيل: ما يجب وهو العورة، وبالظاهر ما سواه، وإذا صدقنا الجاني، احتاج المجني عليه إلى بينة بالسلامة، ثم الأصح أنه يكفي قول الشهود: كان صحيحا، ولا يشترط تعرضهم لوقت الجناية، وقيل: إن شهدوا بالسلامة عند الجناية، كفى ولا يحتاج معها إلى يمين، وإن شهدوا أنه كان سليما، احتاج معها إلى اليمين لجواز حدوث النقص، ثم تجوز الشهادة بسلامة العين إذا رأوه يتبع بصره الشئ زمنا طويلا ويتوقى المهالك، ولا يجوز بأن يروه يتبعه بصره زمنا يسيرا، لأنه قد يوجد من الأعمى، وكذلك تجوز الشهادة بسلامة اليد والذكر برؤية الانقباض والانبساط.
فرع إذا اختلفا في أصل العضو، فقيل بإطلاق الخلاف في أن المصدق أيهما؟ وأنكر الامام هذا، وقال: من أنكر أصل العضو، أنكر الجناية عليه، فيقطع بتصديقه، وإنما الخلاف إذا اختلفا في صحته، ومنه ما إذا قطع كفه، واختلفا في نقص أصبع، وليس منه ما إذا ادعى المقطوع قطع الذكر والأنثيين، وقال الجاني:
لم أقطع إلا أحدهما.