لم تسقط الدية ولا القصاص، لأن العادة فيها الالتحام، وكذا حكم الجائفة، وعن صاحب التقريب وجه أنها إذا التحمت، زال حكمها، ورأي الامام تخصيص هذا الوجه على ضعفه بما إذا نفذت الحديدة إلى الجوف، وحصل خرق من غير زوال لحم دون ما إذا زال شئ، ونبت لحم جديد، ورأي طرده في مثلها في الموضحة، ولو قطع لسانا فنبت، ففي سقوط القصاص طريقان، أحدهما: قولان كالسن، والمذهب القطع بالمنع، لأن عوده بعيد جدا، فهو هبة محضة، وجنس السن معتاد العود، التفريع على القولين في عود السن، فإذا اقتص المجني عليه، أو أخذ الأرش، ثم نبتت سنه، فليس للجاني قلعها، وهل يسترد الأرش إن كان المجني عليه أخذه؟ وجهان أو قولان، إن قلنا: العائد كالأول، استرد، وإن قلنا: هبة، فلا، وإن كان المجني عليه اقتص، فهل يطالبه الجاني بأرش السن؟ يبنى على الخلاف، وقال ابن سلمة: لا يطالب هنا قطعا لتعذر استرداد القصاص، وهذا ضعيف، ولو تعدى الجاني، فقلع العائد وقد اقتص منه، فإن قلنا: العائد كالأول، لزمه الأرش بهذا القلع لتعذر القصاص وقد وجب له على المجني عليه الأرش بالعود ففيه الكلام في التقاص، وإن جعلناه هبة، لزمه الأرش بالقلع الثاني، وعلى هذا القول لو لم يقتص منه أولا وأخذ الأرش، فللمجني عليه أن يقتص للقلع الثاني، فلو لم يكن اقتص للأول ولا أخذ الأرش، لزمه قصاص وأرش، أو أرشان بلا قصاص، أما إذا اقتصصنا من الجاني فعاد سنه دون المجني عليه، فإن قلنا:
العائد كالأول، فهل للمجني عليه القلع ثانيا؟ وجهان، أحدهما: لا، لأنه قابل قلعا بقلع فلا تثنى عليه العقوبة، لكن له الأرش لخروج القلع الأول عن كونه قصاصا، وكأنه تعذر القصاص بسبب، والثاني: نعم، لأن الجاني أفسد منبته، فيكرر عليه حتى يفسد منبته، وإن قلنا: هبة، فلا شئ للمجني عليه وقد استوفى حقه بما سبق، وهذا هو الأظهر، ولو اقتص، فعاد سن الجاني والمجني عليه معا، فلا شئ لواحد منهما على الآخر باتفاق القولين.
فرع قلع غير مثغور سن مثغور، قال ابن كج: للمجني عليه أن يأخذ الأرش إن شاء، ويقتص إن شاء، وليس له مع القصاص شئ آخر كما في أخذ