فوجهان، قال ابن خيران: يقتص منها، ولا يبالي بالطفل، والصحيح الذي عليه الجمهور: أنه يجب التأخير إلى أن توجد مرضعة أو ما يعيش به، أو ترضعه هي حولين وتفطمه، لأنه إذا وجب تأخير العقوبة احتياطا للحمل، فوجوبه بعد وجود الولد، وتيقن حياته أولى، فلو بادر مستحق القصاص والحالة هذه فقتلها، فمات الطفل، فالصحيح أنه قاتل للطفل عمدا، فيلزمه قوده، كما لو حبس رجلا في بيت ومنعه الطعام، وبهذا قطع الشيخ أبو حامد، ونقله ابن كج عن النص، وعن الماسرجسي قال: سمعت ابن أبي هريرة يقول: عليه دية الولد، فقلت له:
أليس لو غصب طعام رجل في البادية أو كسوته، فمات جوعا أو بردا، لا ضمان عليه، فتوقف، فلما عاد إلى الدرس قال: لا ضمان فيهما، أما إذا أمكن تربية الولد بمراضع يتناوبن عليه، أو بلبن شاة ونحوه، ولم توجد مرضعة راتبة، فيستحب للمستحق أن يصبر لترضعه هي لئلا يفسد خلقه ونشوؤه بالألبان المختلفة ولبن البهيمة، فإن لم يصبر وطلب القصاص، أجيب إليه، ولو وجدت مرضعة راتبة، فله الاقتصاص في الحال، ولو وجد مراضع وامتنعن، أجبر الحاكم من يرى منهن بالأجرة. والجلد في القذف كالقصاص، وأما الرجم وسائر حدود الله تعالى، فلا تستوفى وإن وجدت مرضعة، بل ترضعه هي، وإذا انقضى الارضاع لم يستوف أيضا حتى يوجد للطفل كافل، والفرق بين الحدود والقصاص أنها على المساهلة كما سبق.
فرع تحبس الحامل في القصاص إلى أن يمكن الاستيفاء كما ذكرنا فيما إذا كان في المستحقين صبي، ولو كان عليها رجم، أو غيره من حدود الله تعالى، لم تحبس على الصحيح، لأنه على التخفيف، وقيل: تحبس، كالقصاص، قال الامام: وإطلاق هذا الوجه بعيد، والأقرب أنه مخصوص بما إذا ثبت بالبينة، فإن ثبت بالاقرار، فلا معنى للحبس مع أنه بعرض السقوط بالرجوع.
فرع جميع ما ذكرناه إذا ثبت الحمل بإقرار المستحق، أو شهادة النسوة، فلو ادعت الجانية الحمل، هل يمتنع عنها بمجرد دعواها؟ وجهان، قال