القدر بأن يكون المقتول أولا رجلا، والجاني امرأة، وإذا قلنا بالأظهر، ولم نوجب القصاص على المبادر، فلأخيه نصف الدية، وممن يأخذها؟ قولان، أحدهما:
من أخيه المبادر، وأظهرهما: من تركة الجاني، فإذا قلنا: يأخذ من أخيه، فأبرأ أخاه، برئ، وإن أبرأ وارث الجاني، لم يصح، لأنه لا حق له عليه، ولو أبرأ وارث الجاني المبادر عن الدية، لم يسقط النصف الثابت عليه لأخيه، وأما النصف الثابت للوارث، فيبنى على التقاص في الدينين، هل يحصل بنفس الوجوب؟ إن قلنا: نعم، فالعفو لغو، وبمجرد وجوبهما، سقطا، وإن قلنا: لا يحصل حتى يتراضيا، صح الابراء، وسقط ما ثبت للوارث على المبادر، ويبقى للمبادر النصف في تركة الجاني، وإن قلنا: حق الذي لم يقتل في تركة الجاني لا على أخيه، فلوارث الجاني على المبادر دية تامة، وللمبادر نصف الدية في تركة الجاني، فيقع النصف تقاصا، ويأخذ وارث الجاني منه النصف الآخر، فلو أبرأ الذي لم يقتل أخاه، فإبراؤه لغو إذ لا شئ له عليه، ولو أبرأ وارث الجاني، صح، ولو أسقط وارث الجاني الدية عن المبادر، فإن قلنا: يقع التقاص بنفس الوجوب، فقد سقط النصف بالنصف، ويؤثر الاسقاط في النصف الآخر، فلا يبقى لأحدهما على الآخر شئ، وإن قلنا: لا يقع التقاص إلا بالتراضي، سقط حق الوارث بإسقاطه، وبقي للمبادر نصف الدية في تركة الجاني، وإذا كان المبادر جاهلا بالتحريم، وجبت الدية بقتله، وهل يكون في ماله لقصده القتل، أم على عاقلته، لأن الجهل كالخطأ؟ قولان، فإن قلنا: في ماله، فالابن الذي لم يقتل يأخذ نصف الدية من أخيه، أو من تركة الجاني، فيه القولان، وإن قلنا: على العاقلة، أخذ الابنان الدية من تركة الجاني في الحال، ووارث الجاني يأخذ ديته من عاقلة المبادر، كما تؤخذ الدية من العواقل، هذا تفريع الحالة الأولى، أما إذا قتله بعد عفو أخيه، فإن أوجبنا القصاص، واقتص وارث الجاني، فلورثة المقتص منه نصف الدية في تركة الجاني، وأما العافي، فلا شئ له إن عفا مجانا، وإن عفا على نصف الدية، عاد الخلاف في أنه ممن يأخذه، وإن لم يقتص منه الوارث، بل عفا، نظر في حال العفوين وما يقتضيانه من وجوب المال وعدمه، وإن لم نوجب القصاص، فإن كان الآخر عفا على الدية، أو مطلقا، وقلنا: المطلق يقتضي الدية، فللابنين دية أبيهما، وعلى المبادر دية الجاني، فيقع ما له وما عليه في التقاص، ويأخذ الآخر