انصرف، وذكر صاحب الحاوي خلافا في تقديم السلام على الاستئذان وعكسه، واختار مذهبا ثالثا، فقال: إن وقعت عين المستأذن على صاحب البيت قبل دخوله، قدم السلام، وإن لم تقع عليه عينه، قدم الاستئذان، والصحيح المختار تقديم السلام، فقد صحت فيه أحاديث صريحة، وإذا استأذن بدق الباب ونحوه، فقيل: من أنت، فليقل: فلان ابن فلان، أو فلان الفلاني، أو المعروف بكذا وما أشبهه بحيث يحصل تعريف تام، ويكره أن يقتصر على قوله: أنا، أو الخادم، أو المحب، أو نحو ذلك مما لا يعرف به، والحديث الصحيح في ذلك مشهور، ولا بأس أن يصف نفسه بما يعرف به وإن تضمن تبجيلا له إذا لم يعرفه المخاطب إلا به، بأن يكني نفسه، أو يقول: القاضي فلان، أو الشيخ فلان أو نحوه.
وأما قول الرافعي: إذا قال: أطال الله بقاءك إلى آخره، فيحتاج فيه إلى تتمات، فأما أطال الله بقاءك، فقد نص جماعة من السلف على كراهته، وأما حني الظهر فمكروه للحديث الصحيح في النهي عنه، ولا يغتر بكثرة من يفعله ممن ينسب إلى علم وصلاح.
وأما القيام، فالذي نختاره أنه مستحب لمن فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو ولادة أو ولاية مصحوبة بصيانة، ويكون على جهة البر والاكرام لا للرياء والاعظام، وعلى هذا استمر عمل الجمهور من السلف والخلف، وقد جمعت جزءا في ذلك ضمنته أحاديث صحيحة وآثارا وأفعال السلف وأقوالهم الدالة لما ذكرته، وأجبت عما خالفها، وأما الداخل فيحرم عليه أن يحب قيامهم له، ففي الحديث