يحرص على الابتداء بالسلام للحديث الحسن أولى الناس بالله تعالى من بدأهم بالسلام ولو مشى في سوق، أو شارع يطرق كثيرا، ونحوه مما يكثر فيه المتلاقون، قال صاحب الحاوي: إنما يسلم هنا على بعض الناس دون بعض، لأنه لو سلم على الجميع، تعطل عن كل مهم، وخرج به عن العرف، قال: ولو دخل على جماعة قليلة يعمهم سلام، اقتصر على سلام واحد عليهم، وما زاد من تخصيص بعضهم، فهو أدب، ويكفي أن يرد أحدهم، فإن زادوا، فأفضل، فإن كانوا جميعا لا ينتشر فيهم سلام واحد، كالجامع والمجلس الحفل، فسنة السلام أن يبدأ به إذا شاهدهم، ويكون مؤديا سنة السلام في حق من سمعه، ويدخل في فرض الكفاية في الرد كل من سمعه، فإن جلس فيهم، سقط عنه سنة السلام في حق من لم يسمع، وإن أراد الجلوس فيمن بعدهم ممن لم يسمعه فوجهان، أحدهما: أن سنة السلام حصلت بالسلام على أولهم، لأنه جمع واحد، فإن أعاد السلام عليهم، كان أدبا، والثاني: أنها باقية لم تحصل، قال: فعلى الأول يسقط فرض الرد عن الأولين برد واحد من الآخرين، وعلى الثاني لا يسقط، ولعل الثاني أصح، ولا يترك السلام لكونه يغلب على ظنه أن المسلم عليه لا يرد.
قال المتولي: وأما التحية عند خروجه من الحمام بقول: طاب حمامك ونحوه، فلا أصل له، وهو كما قال، فلم يصح في هذا شئ، لكن لو قال لصاحبه حفظا لوده: أدام الله لك هذا النعيم، ونحو ذلك من الدعاء، فلا بأس به إن شاء الله تعالى، وإذا ابتدأ المار فقال: صبحك الله بخير، أو بالسعادة، أو قواك الله، أو لا أوحش الله منك، أو نحو ذلك من ألفاظ أهل العرف، لم يستحق جوابا، لكن لو دعا له قبالته كان حسنا إلا أن يريد تأديبه وتأديب غيره لتخلفه وإهماله السلام.
وإذا قصد باب إنسان وهو مغلق، فالسنة أن يسلم، ثم يستأذن فيقول: السلام عليكم، أأدخل، فإن لم يجبه أحد، أعاد ذلك ثانيا وثالثا، فإن لم يجبه أحد،