الخامسة: يمنع المخذل من الخروج في الجيش، فإن خرج، رده، فلو قاتل، لم يستحق شيئا، ولو قتل كافرا، لم يستحق سلبه، والمخذل من يخوف الناس، بأن يقول: عدونا كثير، وخيولنا ضعيفة، ولا طاقة لنا بهم، ونحو ذلك، وفي معناه المرجف والخائن، فالمرجف: من يكثر الأراجيف، بأن يقول: قتلت سرية كذا، أو لحقهم مدد للعدو من جهة كذا، أو لهم كمين في موضع كذا، والخائن: من يتجسس لهم، ويطلعهم على العورات بالمكاتبة والمراسلة، وحكى الروياني وجها، أنه يسهم للمخذل إذا لم ينهه الامام، ووجها أنه يرضخ له، والصحيح الذي قطع به الأصحاب، لا سهم ولا رضخ مطلقا.
السادسة: لا يجوز أن يستأجر الامام ولا أحد الرعية مسلما للجهاد، لأن إن لم يكن متعينا عليه، فمتى حضر الصف، تعين، ولا يجوز أخذ أجرة عن فرض العين، وعن الصيدلاني أنه يجوز للامام أن يستأجره، ويعطيه أجرة من سهم المصالح، والصحيح الأول، لكن الامام يرغب في الجهاد ببذل الأهبة والسلاح من بيت المال، أو من مال نفسه، فينال ثواب الإعانة، ويقع الجهاد عن المباشر، وكذا إذا بذل أهبته واحد من الرعية من ماله، قال الأصحاب: وما يدفع إلى المرتزقة من الفئ، وإلى المطوعة من الصدقات حقوقهم المرتبة، وليس أجرة، وجهادهم واقع عنهم، ولو أكره الامام جماعة على الخروج والجهاد، لم يستحقوا أجرة لما ذكرنا من وقوع الجهاد عنهم، وامتناع استئجارهم، هكذا أطلقوه، وقال البغوي: إن تعين عليهم الجهاد، فالحكم كذلك، وإلا فلهم الأجرة من حين أخرجهم إلى أن حضروا الوقعة، وأطلق مطلقون أنه لو عين الامام رجلا، وألزمه بغسل الميت ودفنه، لم يكن له أجرة، واستدرك الامام فقال: هذا إذا لم يكن للميت تركة، ولا في بيت المال اتساع، فإن كان له تركة، فمؤنة تجهيزه في تركته، وإلا ففي بيت المال إن اتسع، فيستحق المكره الأجرة، والتفصيلان حسنان، فليحمل عليهما الاطلاقان.
وهل يجوز للامام استئجار عبيد المسلمين؟ قال الامام: إن جوزنا استئجار الحر، فكذا العبد، وإلا فوجهان بناء على أنه لو وطئ الكفار دار المسلمين هل