استراب في أصل من أصول الاعتقاد، فيلزمه السعي في إزاحته حتى تستقيم عقيدته.
قلت: ولا يتعين تعلم كيفية الوضوء والصلاة وشبههما إلا بعد وجوب ذلك، فإن كان بحيث لو صبر إلى دخول الوقت لم يتمكن من إتمام تعلمها مع الفعل في الوقت، فهل يلزمه التعلم قبل الوقت؟ تردد فيه الغزالي، والأصح: ما جزم به غيره أنه يلزمه، كما يلزم السعي إلى الجمعة قبل الوقت لمن بعد منزله، وإذا كان ما تعلق به الوجوب على الفور، كان تعلم كيفيته على الفور، وإن كان على التراخي، كالحج، فتعلم الكيفية على التراخي، وأما علم القلب [وهو معرفة أمراض القلب]، كالحسد والعجب والرياء وشبهها، فقد قال الغزالي: معرفة حدودها وأسبابها وطبها وعلاجها فرض عين وقال غيره: فيه تفصيل، ضمن زرق قلبا سليما من هذه الأمراض المحرمة كفاه ذلك، ومن لم يسلم وتمكن من تطهير قلبه بغير تعلم العلم المذكور، وجب تطهره، وإن لم يتمكن إلا بتعلم، وحب، وقد سبق في كتاب الصلاة وجوب تعليم الصغار على أوليائهم، ومن فرض الكفاية، معرفة أصول الفقه والفقه، والنحو واللغة والتصريف، وأسماء الرواة، والجرح والتعديل، واختلاف العلماء واتفاقهم، وقد يكون من العلم مستحب، كالتبحر في أصول الأدلة بالزيادة على القدر الذي يحصل به فرض الكفاية، وكتعلم العامي نوافل العبادات لغرض العمل، لا لما يقوم به المجتهدون من تمييز الفرض من النفل، فإن ذلك فرض كفاية في حقهم، قال صاحب الحاوي: وإنما يتوجه فرض الكفاية في العلم على من جمع أربعة شروط وهي: أن يكون مكلفا، وممن يتقلد القضاء، لا عبدا ولا امرأة، وأن يكون بليدا، وأن يقدر على الانقطاع إليه بأن تكون له كفاية، ويدخل الفاسق في الفرض ولا يسقط به، لأنه لا تقبل فتواه للمستفتين، وفي دخول المرأة والعبد وجهان، لأنهما أهل للفتوى دون القضاء.
واعلم أن تعليم الطالبين، وإفتاء المستفتين فرض كفاية، فإن لم يكن من يصلح إلا واحدا وكان هناك جماعة، ولا يحصل الغرض إلا بكلهم، تعين عليهم، وإذا كان هناك غير المفتي، هل يأثم بالرد؟ وجهان، أصحهما: لا، وينبغي أن