الدعوة، فيستحب أن يعرض عليهم الاسلام، ويدعوهم إليه، ويجوز بياتهم بغير دعاء، ثم الذين لا يقرون بالجزية، يقاتلون، وتسبى نساؤهم، وتغنم أموالهم حتى يسلموا، والذين تقبل منهم الجزية يقاتلون حتى يسلموا، أو يبذلوا الجزية.
الثالثة: تجوز الاستعانة بأهل الذمة وبالمشركين في الغزو، ويشترط أن يعرف الامام حسن رأيهم في المسلمين، ويأمن خيانتهم، وشرط الامام والبغوي وآخرون شرطا ثالثا، وهو أن يكثر المسلمون بحيث لو خان المستعان بهم، وانضموا إلى الذين يغزوهم، لأمكننا مقاومتهم جميعا، وفي كتب العراقيين وجماعة أنه يشترط أن يكون في المسلمين قلة، وتمس الحاجة إلى الاستعانة، وهذان الشرطان كالمتنافيين، لأنهم إذا قلوا حتى احتاجوا لمقاومة فرقة إلى الاستعانة بالأخرى، فكيف يقاومونهما؟
قلت: لا منافاة، فالمراد أن يكون المستعان بهم فرقة لا يكثر العدو بهم كثرة ظاهرة، وشرط صاحب الحاوي أن يخالفوا معتقد العدو، كاليهود مع النصارى، قال: وإذا خرجوا بشروطه، اجتهد الأمير فيهم، فإن رأى المصلحة في تميزهم ليعلم نكايتهم، أفردهم في جانب الجيش بحيث يراه أصلح، وإن رآها في اختلاطهم بالجيش لئلا تقوى شوكتهم، فرقهم بين المسلمين. والله أعلم.
ثم إن حضر الذمي بإذن الإمام، استحق الرضخ، إلا أن يكون استأجره، فلا يستحق غير الأجرة، وإن نهاه عن الحضور، فحضر، فلا شئ له، وللامام تعزيزه إذا رآه، وإن لم ينهه، ولم يأذن له، لم يرضخ له على الأصح.
الرابعة: يجوز الاستعانة بالعبد إذا أذن سيده، وأن يستصحب المراهقين إذا كان فيهم جلادة وغناء في القتال، وكذا لمصلحة سقي الماء، ومداواة الجرحى، ويستصحب النساء لمثل ذلك كما سبق، وفي جواز إحضار نساء أهل الذمة وصبيانهم قولان، أحدهما: نعم، كالمسلمين، والثاني: لا، إذا كان لا قتال فيهم ولا رأي ولا يتبرك بحضورهم.