على من لم يعرفه، فبان ذميا، استحب أن يسترد سلامه، بأن يقول: استرجعت سلامي، تحقيرا له، وله أن يحيي الذمي بغير السلام، بأن يقول: هداك الله، أو أنعم الله صباحك، ولو سلم عليه ذمي، لم يزد في الرد على قوله: وعليك.
قلت: ما ذكره من استحباب استرداد السلام من الذمي، ذكره المتولي، ونقله عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقوله: أن يحيي الذمي بغير السلام، ذكره المتولي، وهذا إذا احتاج إليه لعذر، فأما من غير حاجة، فالاختيار أن لا يبتدئه بشئ من الاكرام أصلا، فإن ذلك بسط له وإيناس وملاطفة وإظهار ود، وقد قال الله تعالى: * (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) * وأما المبتدع، فالمختار أنه لا يبدأ بسلام إلا لعذر، أو خوفا من مفسدة، ولو مر على جماعة فيهم مسلمون، أو مسلم وكفار، فالسنة أن يسلم ويقصد المسلمين أو المسلم، ولو كتب كتابا إلى مشرك، وكتب فيه سلاما، فالسنة أن يكتب كما كتب رسول الله (ص) إلى هرقل: سلام على من اتبع الهدى. والله أعلم.
الحادية عشرة: قال المتولي: ما يعتاده الناس من السلام عند القيام ومفارقة القوم دعاء وليس بتحية، فيستحب الجواب عنه، ولا يجب.
قلت: هذا الذي قاله المتولي قاله شيخه القاضي حسين، وقد أنكره الشاشي، فقال: هذا فاسد لأن السلام سنة عند الانصراف، كما هو سنة عند القدوم، واستدل بالحديث الصحيح في سنن أبي داود والترمذي أن رسول الله (ص) قال: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة قال الترمذي: حديث حسن. والله أعلم.