بالله تعالى، فإن لم يندفع، فله ضربه بالسلاح ويناله بما يردعه، فإن أتى على نفسه، فلا ضمان، ولو لم ينل منه صاحب الدار، عاقبه السلطان، وسواء كان وقوف الناظر في الشارع أو في سكة منسدة الأسفل، أو في ملك نفسه، إذ ليس للواقف في ملكه مد النظر إلى حرم الناس، وعن القاضي حسين وجه ضعيف أنه ليس له قصد عينه إذا وقف في الشارع، أو ملك نفسه، وإنما يقصده إذا وقف في ملك المنظور إليه وليس بشئ، ثم إنما يرمي عينه إذا قصد النظر والتطلع، أما إذا كان مخطئا، أو وقع بصره اتفاقا، وعلم صاحب الدار الحال، فلا يرميه، فلو رماه، وقال الناظر: لم أكن قاصدا، أو لم أطلع على شئ، فلا شئ على الرامي، لان الاطلاع حاصل، وقصده أمر باطن لا يطلع عليه، وهذا ذهاب إلى جواز الرمي من غير تحقق قصده، وفي كلام الامام ما يدل على أنه لا يرمي حتى يتبين الحال، وهو حسن.
فرع هل يجوز رميه قبل إنذاره؟ وجهان، أحدهما يحكى عن الشيخ أبي حامد والقاضي حسين: لا، بل ينذره ويزجره ويأمره بالانصراف، فإن أصر، رماه، جريا على قياس الدفع بالأهون، ولأنه قد يكون له عذر، وأصحهما وبه قال الماسرجسي، والقاضي أبو الطيب، وجزم به الغزالي: يجوز رميه قبل الانذار، واستدل صاحب التقريب بجواز الرمي هنا قبل الانذار على أنه لا يجب تقديم الكلام في دفع كل صائل، وأنه يجوز للمصول عليه الابتداء بالفعل، قال الامام:
مجال التردد في كلامه هو موعظة قد تفيد وقد لا تفيد، فأما ما يوثق بكونه دافعا من تخويف وزعقة مزعجة، فيجب قطعا، وهذا أحسن، وينبغي أن يقال: ما لا يوثق بكونه دافعا، ويخاف من الابتداء به مبادرة الصائل لا يجب الابتداء به قطعا.
فرع ليكن الرمي بشئ خفيف تقصد العين بمثله، كبندقة وحصى خفيفة، أما إذا رشقه بنشاب، أو رماه بحجر ثقيل، فيتعلق به القصاص والدية، لكن لو لم يمكن قصد عينه، أو لم ينزجر، فيستغيث عليه ويدفعه بما أمكنه كما سبق، ولا يقصد رمي غير العين إذا أمكنه إصابتها، فإن لم يمكن، فرمى عضوا آخر، ففي التهذيب حكاية وجهين فيه، ونقل أنه لو أصاب موضعا بعيدا عن عينه بلا قصد، فلا يضمن على الأصح، والأشبه ما ذكره الروياني أنه إن رماه، فأصاب