الثالث: لو ربط بهيمته، وأغلق بابه، واحتاط على العادة، ففتح الباب لص، أو انهدم الجدار، فخرجت ليلا، فلا ضمان، إذ لا تقصير، ولو قصر صاحب البهيمة، وحضر صاحب الزرع، فإن قدر على تنفيرها، فليفعل، فإن تهاون فهو المقصر المضيع لزرعه، فلا ضمان على الصحيح، وينبغي أن لا يبالغ التنفير والابعاد، بل يقتصر على قدر الحاجة، فإن زاد، فضاعت، قال إبراهيم المروذي: لزمه الضمان وتصير داخله في ضمانه بالتبعيد فيق قدر الحاجة، ولو أخرجها من زرعه وأدخلها في زرع غيره، فأفسدته، لزمه الضمان. فإن كانت محفوفة بمزارع الناس، ولم يمكن إخراجها إلا بإدخالها مزرعة غيره، لم يجز أن يقي مال نفسه بمال غيره، بل يصبر ويغرم صاحبها.
الرابع: إذا أرسل دابة في البلد، فأتلفت شيئا، ضمن على الأصح، وجميع ما ذكرنا فيما إذا تعلق إرسال الدابة وضبطها باختياره، فإن انفلتت، لم يضمن ما أتلفته بحال، ولو ربط دابته في موات، أو ملك نفسه، وغاب عنها، لم يضمن ما تتلفه، وإن ربطها في الطريق على باب داره، أو في موضع آخر، لزمه الضمان، سواء كان الطريق ضيقا أو واسعا، لأن الارتفاق في الطريق إنما يجوز بشرط سلامة العاقبة، كإشراع الجناح، وقيل: إن كان واسعا، فلا ضمان، والصحيح المنصوص هو الأول، ولم يتعرضوا للفرق بين ربطه بإذن الإمام ودون إذنه.
فرع إذا أرسل الحمام، أو غيرها من الطير، فكسرت شيئا، أو التقطت حبا، فلا ضمان، لأن العادة إرسالها، ذكره ابن الصباغ.
الحال الثاني: إذا كان مع البهيمة شخص، ضمن ما أتلفته من نفس ومال، سواء أتلفت ليلا أو نهارا، وسواء كان سائقها أو راكبها أو قائدها، وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو عضها أو ذنبها، لأنها تحت يده وعليه تعهدها وحفظها، وسواء كان الذي مع البهيمة مالكها أو أجيره، أو مستأجرا أو مستعيرا أو غاصبا، لشمول اليد، وسواء البهيمة الواحدة والعدد، كالإبل المقطورة، وحكى ابن كج وجها أنه إن كانت