أما المصول عليه، فيجوز الدفع عن النفس والطرف ومنفعته، والبضع ومقدماته، وعن المال وإن قل إذا كانت المذكورات معصومة، ويجوز لغير المصول عليه الدفع، وله دفع مسلم صال على ذمي، وأب صال على ابنه، وسيد صال على عبده، لأنهم معصومون مظلومون، وحكى الامام قولا قديما أنه لا يجوز الدفع عن المال إذا لم يحصل الدفع إلا بقتل، أو قطع طرف، والمشهور الأول، وبه قطع الجماهير، وفي الحديث الصحيح: من قتل دون ماله فهو شهيد فله الدفع في كل هذه الصور، وإن أتى الدفع على الصائل، فلا ضمان فيه، ولو وجده ينال من جاريته ما دون الفرج، فله دفعه، وإن أتى على نفسه وللأجنبي دفعه كذلك حسبة، ويجوز أن يكون المدفوع عنه ملك القاصد، فمن رأى إنسانا يتلف مال نفسه، بأن يحرق كدسه، ويغرق متاعه، جاز له دفعه، وإن كان حيوانا بأن رآه يشدخ رأس حماره، وجب على الأجنبي دفعه على الأصح وبه قطع البغوي، لحرمة الحيوان، أما كيفية الدفع، فيجب على المصول عليه رعاية التدريج والدفع بالأهون فالأهون، فإن أمكنه الدفع بالكلام، أو الصياح، أو الاستغاثة بالناس، لم يكن له الضرب، وكذا لو اندفع شره، بأن وقع في ماء أو نار، أو انكسرت رجله، لم يضربه، وكذا لو حال بينهما جدار أو خندق أو نهر عظيم، فإن حال نهر صغير وغلب على ظنه أنه إن عبر النهر عليه، قال ابن الصباغ: فله رميه ومنعه العبور، أما إذا لم يندفع الصائل إلا بالضرب، فله الضرب، ويراعى فيه الترتيب، فإن أمكن باليد، لم يضربه بسوط، وإن أمكن بسوط، لم يجز بالعصا، ولو أمكن بقطع عضو، لم يجز إهلاكه، وإذا أمكن بدرجة، فدفعه بما فوقها، ضمن، وكذا لو هرب فتبعه وضربه، ضمن، ولو ضربه ضربة، فولى هاربا أو سقط، وبطل صياله فضربه أخرى، فالثانية مضمونة بالقصاص وغيره، فإن مات منهما، لم يجب قصاص النفس، ويجب نصف الدية، لأنه هلك من مضمون وغيره، ولو عاد بعد الجرحين، فصال، فضربه ثالثة فمات منها، لزمه ثلث الدية، ومتى غلب على ظنه أن الذي أقبل عليه بالسيف يقصده، فله دفعه بما يمكنه، وإن لم يضربه المقبل، ولو كان الصائل
(٣٩٢)