البيان: كان متمسكا قبل النبوة بدين إبراهيم (ص).
قلت: تعرض الرافعي رحمه الله لهذه النبذ، ولم يذكر فيها ما يليق به ولا بهذا الكتاب، وأنا أشير إلى أصول مقاصدها بألفاظ وجيزة إن شاء الله تعالى، اتفقوا أن النبي (ص) لم يعبد صنما قط، والأنبياء قبل النبوة معصومون من الكفر، واختلفوا في العصمة من المعاصي، وأما بعد النبوة فمعصومون من الكفر، ومن كل ما يخل بالتبليغ، وما يزري بالمروءة، ومن الكبائر، واختلفوا في الصغائر فجوزها الأكثرون، ومنعها المحققون وقطعوا بالعصمة منها، وتأولوا الظواهر الواردة فيها، واختلفوا في أن نبينا (ص) هل كان قبل النبوة يتعبد على دين نوح وإبراهيم أم موسى أم عيسى، أم يتعبد لا ملتزما دين واحد من المذكورين، والمختار أنه لا يجزم في ذلك بشئ، إذ ليس فيه دلالة على عقل ولا ثبت فيه نص ولا إجماع، واختلف أصحابنا في شرع من قبلنا، هل هو شرع لنا إذا لم يرد شرعنا بنسخ ذلك الحكم؟
والأصح أنه ليس بشرع لنا، وقيل: بلى، وقيل: شرع إبراهيم فقط، وبعث رسول الله (ص) وله أربعون سنة، وقيل: أربعون ويوم، فأقام في مكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة، وقيل: عشرا، وقيل: خمس عشرة، والصحيح الأول، ثم هاجر إلى المدينة، فأقام بها عشرا بالاجماع، ودخلها رسول الله (ص) ضحى يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول، وتوفي (ص) ضحى يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة