الإصطخري تعتبر بحروف السان وهي ثمانية عشر حرفا لا غير، ولا تعتبر حروف الحلق وهي ستة، وهي من أول الحلق الألف والهاء ومن أوسطه العين والحاء ومن آخره الغين والخاء، ولا تعتبر حروف الشفة وهي أربعة الباء والميم والفاء والواو، لان الجناية على اللسان فاعتبرت حروفه دون غيره، والمنصوص هو الأول، لأن هذه الحروف وإن كانت مخارجها في الحلق الشفة إلا أنه لا ينطق بها إلا باللسان.
إذا ثبت هذا فإن لم يذهب من كلامه الا حرف واحد لكنه تعطل بذهابه جميع الاسم الذي فيه ذلك الحرف، مثل أن تتعذر الميم لا غير فصار لا ينطق بمحمد لم يجب عليه الا خاصة الميم من الدية، لان الجاني إنما يضمن ما أتلفه، فأما ما لم يتلفه بفعله وكان سليما الا أن منفعته تعطلت لتعطل التالف فلا يضمنه كما لو قصم ظهره فلم تشل رجلاه الا أنه لا يمكنه المشي بهما لقصر ظهره، فلا يلزمه الا دية قصم الظهر. فكذلك هذا مثله وان جنى عليه فذهب من كلامه حرف الا أنه استبدل به حرفا غيره بأن ذهب منه الراء وصار ينطق بالراء ما في موضعه وجبت عليه دية الراء لان ما استبدل به لا يقوم مقامه.
فإن جنى عليه آخر فأذهب هذا الحرف الذي استبدله بالراء، وجب عليه دية هذا الحرف لا لأجل أنه أتلف عليه حرفا قام مقام الأول. ولكن لأجل أن هذا الحرف إذا تلف في هذا الوضع تلف في موضعه الذي هو أصله، وان لم يذهب بجنايته حرف وإنما كان لثغ فزادت لثغته بالجناية، أو كان خفيف اللسان سهل الكلام فثقل كلامه أو حصلت بكلامه عجلة أو تمتمة، وجب على الجاني حكومة لأنه أذهب كما لا من غير منفعة.
قوله (وان قطع ربع لسانه الخ) فجملة ذلك أنه إذا قطع بعض لسانه فذهب بعض كلامه نظرت فإن استويا بأن قطع ربع لسانه وذهب ربع كلامه وجب عليه ربع الدية. وان قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه وجب عليه نصف الدية، لان الذي فات منهما سواء، فإن اختلف اعتبرت الدية بالأكثر مثل أن يقطع ربع اللسان فيذهب نصف الكلام، فيجب عليه نصف الدية،