اللغة: التسخيم من السخام وهو سواد القدر. التحميم من الحمه وهي الفحة والآية تدل على فإن جاءوك متحاكمين إليك فأنت مخير بين الحكم بينهم والاعراض عنهم وتركهم إلى رؤسائهم، وقد اختلف العلماء في هذا التخيير أهو خاص بتلك الواقعة وهي حد الزنا هل هو الجلد أو الرجم أو دية القتيل، إذ كان بنو النضير يأخذون دية كاملة على قتلاهم لقوتهم وشرفهم، وبنو قريظة يأخذون نصف دية لضعفهم، وقد تحاكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل الدية سواء أم هو خاص بالمعاهدين دون أهل الذمة وغيرهم، أم الآية عامة في جميع القضايا من جميع الكفار عملا بقاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والمرجح المختار أن التخيير خاص بالمعاهدين دون أهل الذمة وقال القرطبي في الجامع: إذا ترافع أهل الذمة إلى الامام، فإن كان ما رفعوه ظلما كالقتل والعدوان والغصب حكم بينهم ومنعه منه بلا خلاف، وأما إذا لم يكن كذلك فالامام مخير في الحكم بينهم، وتركه عند مالك والشافعي، غير أن مالكا رأى الاعراض عنهم أولى، فإن حكم حكم بينهم بحكم الاسلام قال الشافعي لا يحكم بينهم في الحدود، وقال أبو حنيفة يحكم بينهم على كل حال، وهو قول الزهري وعمر بن عبد العزيز والحكم وروى عن ابن عباس وهو أحد قولي الشافعي لقوله تعالى (وأن احكم بينهم) واحتج مالك بقوله تعالى (فإن جاءوك) وهو نص في التخيير، قال ابن القاسم والزائيان فالحاكم مخير، لان إنفاذ الحكم حق للأساقفة، والمخالف يقول لا يلتفت إلى الأساقفة.
قال ابن العربي وهو الأصح، وقال عيسى عن ابن القاسم لم يكونوا أهل ذمة إنما كانوا أهل حرب، وهذا الذي قاله عيسى عنه إنما نزع به لما رواه الطبري وغيره أن الزانيين كانا من أهل خيبر أو فدك، وكانوا حربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا بعثوا إلى يهود المدينة يقولون لهم اسألوا محمدا عن هذا فإن أفتاكم بغير الرجم فخذوه منه واقبلوه، وان أفتاكم به فاحذروه.
قال ابن العربي: وهذا لو كان صحيحا لكان مجيئهم بالزانيين وسؤالهم عهدا