قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا دخل الجيش دار الحرب فأصابوا ما يؤكل من طعام أو فاكهة أو حلاوة واحتاجوا إليه جاز لهم أكله من غير ضمان، لما روى ابن عمر رضي الله عنه قال كنا نصيب من المغازي العسل والفاكهة فنأكله ولا نرفعه، وسئل ابن أبي أوفى عن طعام خيبر فقال: كان الرجل يأخذ منه قدر حاجته، ولان الحاجة تدعو إلى ما يؤكل ولا يوجد من يشترى منه مع قيام الحرب فجاز لهم الاكل وهل يجوز لهم الاكل من غير حاجة فيه وجهان.
(أحدهما) وهو قول أبى علي بن أبي هريرة أنه لا يجوز كما لا يجوز في غير دار الحرب أ: ل مال الغير بغير إذنه من غير حاجة.
(والثاني) أنه يجوز وهو ظاهر المذهب وهو قول أكثر أصحابنا، لما روى عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال دلى جراب من شحم يوم خيبر فأتيته فالتزمته ثم قلت: لا أعطى من هذا أحدا اليوم شيئا فالتفت فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم إلى، ولو لم يجز أكل ما زاد على الحاجة لنهاه عن منع ما زاد على الحاجة ويخالف طعام الغير بأن ذلك لا يجوز أكله من غير ضرورة وهذا يجوز أكله من غير ضرورة قطعا وطعام الغير يأكله بعوض وهذا يأكله بغير عوض فجاز أن يأكله من غير حاجة، ولا يجوز لاحد منهم أن يبيع شيئا منه لان حاجته إلى الاكل دون البيع، وان باع شيئا منه نظرت، فان باعه من بعض الغانمين وسلمه إليه صار المشترى أحق به، لأنه من الغانمين، وقد حصل في يده ما يجوز له أخذه للاكل فكان أحق به، فإن رده إلى البائع صار البائع أحق به لما ذكرناه في المشترى، وان باعه من غير الغانمين وسلمه إليه وجب على المشترى رده إلى الغنيمة، لأنه ابتاعه ممن لا يملك بيعه ولى سهو من الغانمين فيمسكه لحقه فوجب رده إلى الغنيمة.
(فصل) ويجوز أن يعلف منه المركوب وما يحمل عليه رجله من البهائم لان حاجته إليه كحاجته ولا يدهن منه شعره ولا شعر البهائم لأنه لا حاجة به