وإن نزلوا على حكم حالكم يختاره الامام جاز، لأنه لا يختار الامام إلا من يجوز حكمه، وإن نزلوا على حكم من يختارونه لم يجز إلا أن يشترط أن يكون الحاكم على الصفات التي ذكرناها وإن نزلوا على حكم اثنين جاز لأنه تحكيم في مصلحة طريقها الرأي فجاز أن يجعل إلى اثنين كالتحكيم في اختيار الإمام، وإن نزلوا على حكم من لا يجوز أن يكون حاكما أو على حكم من يجوز أن يكون حاكما فمات، أو على حكم اثنين فماتا أو مات أحدهما وجب ردهم إلى القلعة لأنهم على أمان فلا يجوز أخذهم إلا برضاهم ولا يحكم الحاكم إلا بما فيه مصلحة للمسلمين من القتل والاسترقاق والمن والفداء.
وإن حكم بعقد الذمة وأخذ الجزية ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يجوز إلا برضاهم لأنه عقد معاوضة فلا يجوز من غير رضاهم (والثاني) يجوز لأنهم نزلوا على حكمه وإن حكم أن من أسلم منهم استرق ومن أقام على الكفر قتل جاز.
وإن حكم بذلك ثم أراد أن يسترق من حكم بقتله لم يجز لأنه لم ينزل على هذا الشرط، وان حكم عليهم بالقتل ثم رأى هو أو الامام أن يمن عليهم جاز لان سعد بن معاذ رضي الله عنه حكم بقتل رجال بني قريظة، فسأل ثابت الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهب له الزبير بن باطا اليهودي ففعل، فإن حكم باسترقاقهم لم يجز أن يمن عليهم الا برضا الغانمين لأنهم صاروا مالا لهم.
(الشرح) (حديث لقد حكمت فيهم..) أخرجه البخاري ومسلم من حديث طويل وأحمد.
حديث (سألت ثابت الأنصاري..) أخرجه البيهقي اللغة: قوله (من فوق سبعة أرقعة) الرقيع سماء الدنيا وكذلك سائر السماوات وهي طباقها، لان كل سماء رقعة التي تليها، كما يرقع الثوب بالرقعة، وجاء به على التذكير كأنه ذهب به إلى السقف، والزبير بن باطا بفتح الرأي وكسر الباء قوله (وان حاصر قلعة..) مذهب الجمهور أن الامر في الأسارى الكفرة من الرجال إلى الامام يفعل ما هو الاحظ للاسلام والمسلمين، وقد سبق شرح ما ورد فيما سبق ولا خلاف فيما أورده المؤلف بين الجمهور