لأنه دخل على أمان ويصح الأمان بالقول، وهو أن يقول أمنتك أو أجرتك أو أنت آمن أو مجار أو لا بأس عليك أو لا خوف عليك أو لا تخف أو مترس بالفارسية وما أشبه ذلك، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) وقال لام هاني (قد أجرت من أجرت) وقال أنس لعمر رضي الله عنه في قصة هرمز أن ليس لك إلى قتله من سبيل، قلت له تكلم لا بأس عليك فأمسك عمر.
وروى زر عن عبد الله أنه قال (إن الله يعلم كل لسان فمن أتى منكم أعجميا وقال مترس فقد أمنه) ويصح الأمان بالإشارة لما روى أبو سلمة قال، قال عمر رضي الله عنه (والذي نفس عمر بيده لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى مشرك ثم نزل إليه على ذلك ثم قتله لقتلته) فإن أشار إليه بالأمان ثم قال لم أرد الأمان قبل قوله لأنه أعرف بما أراده ويعرف المشرك أنه لا أمان له ولا يتعرض له إلى أن يرجع إلى مأمنه لأنه دخل على أنه آمن، وإن أمن مشركا فرد الأمان لم يصح الأمان لأنه ايجاب حق لغيره بعقد فلم يصح مع الرد كالايجاب في البيع والهبة، وان أمن أسيرا لم يصح الأمان لأنه يبطل ما ثبت للامام فيه من الخيار بين القتل والاسترقاق والمن والفداء وان قال كنت أمنته قبل الأسر لم يقبل قوله لأنه لا يملك عقد الأمان في هذه الحال فلم يقبل إقراره به.
(فصل) وان أسر امرأة حرة أو صبيا حرا رق بالأسر، لان النبي صلى الله عليه وسلم قسم سبى بنى المصطلق واصطفى صفية من سبى خيبر وقسم سبى هوازن ثم استنزلته هوازن فنزل واستنزل الناس فنزلوا، وان أسر حر بالغ من أهل القتال فللامام أن يختار ما يرى من القتل والاسترقاق والمن والفداء، فان رأى القتل قتل، لقوله عز وجل (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) ولان النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر ثلاثة من المشكين من قريش، مطعم بن عدي، والنضر ابن الحارث. وعقبة بن أبي معيط. وقتل يوم أحد أبا عزة الجمحي، وقتل يوم الفتح بن خطل، وان رأى المن عليه جاز، لقوله عز وجل (فإما منا بعد واما فداء) ولان النبي صلى الله عليه وسلم من على أبى عزة الجمحي ومن على ثمامة