مشهور متفق عليه فيمن لا يقاتل، ويحمل هذا الحديث على ذلك لغلبة عدم القتال على النساء والصبيان، ولعل سر هذا الحكم أن الأصل عدم إتلاف النفوس وإنما أبيح منه ما يقتضى دفع المفسدة.
قال الشوكاني: وأحاديث الباب (بعد أن أوردها) تدل على أنه لا يجوز قتل النساء والصبيان، وإلى ذلك ذهب مالك والأوزاعي فلا يجوز ذلك عندهما بحال من الأحوال حتى لو تترس أهل الحرب بالنساء والصبيان أو تحصنوا بحصن أو سفينة وجعلوا معهم النساء والصبيان لم يجز رميهم ولا تحريقهم. وذهبت الشافعية والكوفيون إلى الجمع بين الأحاديث المذكورة فقالوا إذا قاتلت المرأة جاز قتلها وقال ابن حبيب من المالكية لا يجوز القصد إلى قتلها إذا قاتلت إلا أن باشرت القتل أو قصدت إليه. ونقل ابن بطال أنه اتفق الجميع على المنع من القصد إلى قتل النساء والولدان.
وقال الحافظ في الفتح: حكى الحازمي قولا بجواز قتل النساء والصبيان على ظاهر حديث الصعب، وزعم أنه ناسخ لأحاديث النهى وهو غريب. قلت وما أورده ابن دقيق العيد هو الصحيح قوله (وأما الشيخ الذي لا قتال..) قلت روى الترمذي وصححه وأحمد (اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم) وهو في ظاهره يخالف حديث (أن دريد بن الصمة..) وفى الحقيقة لا تعارض بينهما إذ يمكن الجمع بين الحديثين بأن الشيخ المنهى عنه هو الفاني الذي لم يبق فيه نفع للكفار ولا مضرة منه على المسلمين، وقد وقع التصريح بهذا الوصف بقوله شيخا فانيا، والشيخ المأمور بقتله هو من بقي فيه نفع للكفار ولو بالرأي وقال الإمام أحمد بن حنبل في تعليل أمره صلى الله عليه وسلم بقتل الشيوخ أن الشيخ لا يكاد يسلم والصغير أقرب إلى الاسلام وقال الشوكاني لا يجوز قتل من كان متخليا للعبادة من الكفار كالرهبان لاعراضه عن ضر المسلمين، وحديث ابن عباس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال اخرجوا باسم الله تعالى تقاتلون في سبيل الله من فكر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا