قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى كرم الله وجهه يوم خيبر (إذا نزلت بساحتهم فادعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لان يهدى الله بهداك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم، وان قاتلهم من غير أن يعرض عليهم الاسلام جاز لما روى نافع قال (أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى المصطلق وهم غارون وروى وهم غافلون.
(الشرح) حديث سهل بن سعد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر فقال أين على؟ فقيل إنه يشتكي عينيه، فأمر فدعى له فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأن لم يكن به شئ، فقال فقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لان يهتدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم) متفق عليه حديث نافع ولفظه (عن ابن عوف قال كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال فكتب إلى إنما كان ذلك في أول الاسلام وقد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرية ابنة الحارث، حدثني بن عبد الله بن عمر وكان في ذلك الجيش) متفق عليه قوله (أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى المصطلق وهم غارون) أي غافلون على غير علم ولا حذر. يقال رجل غر إذا لم يحرب الأمور بالكسر وفى الحديث المؤمن غر وكريم الغرة الغفلة والغار الغافل، وسمى المصطلق لحسن صوته والصلق الصوت الشديد عن الأصمعي، وفى الحديث ليس منا من صلق ولا حلق.
قوله (عصموا منى دماءهم وأموالهم) أي منعوا، والعصمة المنع، يقال عصمه الطعام أي منعه من الجوع، لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم.
قال الشوكاني في المسألة ثلاثة مذاهب (الأول) أنه يجب تقديم الدعاء للكفار إلى الاسلام من غير فرق بين من بلغته الدعوة منهم ومن لم تبلغه، وبه قال مالك والهادوية وغيرهم، وظاهر الحديث معهم