قال الشوكاني: إن الأحاديث فيها دلالة على أنه تجوز مقاتلة من أراد أخذ مال إنسان من غير فرق بين القليل والكثير إذا كان الاخذ بغير حق، وهو مذهب الجمهور كما حكاه النووي والحافظ في الفتح وقال بعض العلماء إن المقاتلة واجبة، وقال بعض المالكية لا تجوز إذا طلب الشئ الخفيف، ولعل متمسك من قال بالوجوب ما في حديث أبي هريرة من الامر بالمقاتلة والنهى عن تسليم المال إلى من رام غصبه وأما القائل بعدم الجواز في الشئ الخفيف فعموم الأحاديث ترده ولكنه ينبغي تقديم الأخف فالأخف، فلا يعدل المدافع إلى القتل مع إمكان الدفع بدونه، ويدل على ذلك أمره صلى الله عليه وسلم بإنشاد الله قبل المقاتلة، وكما تدل الأحاديث على جواز المقاتلة لمن أراد أخذ المال تدل على جواز المقاتلة لمن أراد إراقة الدم والفتنة في الدين والأهل وحكى ابن المنذر عن الشافعي أنه قال (من أريد ماله أو نفسه أو حريمه فله المقاتلة وليس له عقل ولا دية ولا كفارة قال ابن المنذر: والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عما ذكر إذا أريد ظلما بغير تفصيل، ويدل على عدم لزوم القود والدية في قتل من كان على الصفة المذكورة ما رواه أحمد والنسائي وأبو داود والبيهقي وابن حبان من حديث أبي هريرة (ولا قصاص ولا دية) وفي رواية البيهقي من حديث ابن عمر (ما كان عليك في شئ) حمل الأوزاعي هذا إذا لم يكن للناس إمام، وأما حالة الفرقة والاختلاف فليستسلم المبغى على نفسه وماله ولا يقاتل أحدا قال في الفتح ويرد عليه حديث أبي هريرة عند مسلم بلفظ (جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال فلا تعطه مالك، قال أرأيت أن قاتلني؟ قال قاتله، قال أرأيت ان قتلني، قال فأنت شهيد، قال أرأيت أن قتلته؟ قال هو في النار. اه قال ابن مفلح في كتاب الفروع (ويلزمه الدفع عن نفسه على الأصح كحرمته في المنصوص وعنه ولو في فتنه) اه
(٢٥٠)