بغير اذنه فعقره الكلب لم يجب ضمانه لما ذكرناه، وان استدعاه للدخول ولم يعلم بالبئر والكلب فوقع فيها أو عقره الكلب ومات فهو كما لو قدم إلى غيره طعاما مسموما فأكله على قولين. وقد مضى دليلهما. فأما إذا حفرها في ملك غيره فإن كان بإذنه لم يجب عليه ضمان من يقع فيها، لأنه غير متعد بالحفر، وان حفرها بغير اذنه وجب عليه ضمان من يقع فيها لأنه متعد بالحفر فان أبرأه صاحب الملك عن ضمان من يقع فيها فهل يبرأ: فيه وجهان، أحدهما لا يبرأ لأنه متعد بالحفر، فان أبرأه صاحب الملك عن ضمان من يقع فيها فهل يبرأ؟ فيه وجهان.
(أحدهما) لا يبرأ لأنه أبرأ عما لم يجب (والثاني) يبرأ كما لو أذن له في حفرها قال أبو علي الطبري، فان قال صاحب الملك: كان حفرها بإذني لم يصدق خلافا لأبي حنيفة ووفاقا لقول أحمد. وان حفرها في طريق المسلمين، فإن كان ضيقا وجب عليه ضمان من يقع فيها لأنه تعدى بذلك، وسواء أذن له الامام في ذلك أو لم يأذن لأنه ليس للامام أن يأذن له فيما فيه ضرر على المسلمين. وإن كان الطريق واسعا لا يستضر المسلمون بحفر البئر فيه كالطريق في الصحارى، فإن حفرها بإذن الإمام لم يجب عليه ضمان من يقع فيها، سواء حفرها لينتفع بها أو لينتفع بها المسلمون، لان للامام أن يقطع من الطريق إذا كان واسعا، كما له أن يقطع من الموات. وكذلك ان حفرها بغير اذن الامام فأجاز له الامام ذلك سقط عنه الضمان.
وقال أحمد وأصحابه: إن كان الطريق واسعا فحفر في مكان منها ما يضر بالمسلمين فعليه الضمان. وان حفر في موضع لا ضرر فيه نظرنا، فإن حفرها لنفسه ضمن ما تلف بها، سواء حفرها بإذن الإمام أو غير اذنه. قالوا لأنه تلف بحفر حفرة في حق مشترك بغير اذن أهله لغير مصلحتهم فضمن، كما لو لم يأذن له الامام بخلاف الحفر.
ولنا أنه ان حفرها بإذن الإمام لم يضمن لان للامام أن يأذن في الانتفاع بما لا ضرر فيه بدليل أن ه يجوز له أن يأذن في اشغال جانبيه، ويقطع من طواريه لمن يشاء ممن يتعاطون البيع والشراء