دليلنا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن عن عمرو بن حزم وفيه (وفى الاذن خمسون من الإبل) فدل على أنه يجب فيهما مائة (فرع) وإن قطع بعض الاذن وجب عليه من ديتها ما قطع منها لأنه يمكن تقسيط الدية عليها. وان جنى على أذنه فاستحشفت أي يبست وانقبضت وصارت كهيئة الجلد إذا ترك على النار ففيه قولان (أحدهما) يجب عليه ديتها كما لو جنى على يده فشلت (والثاني) لا يجب عليه الا الحكومة، لان منفعتها باقية مع استحشافها، وإنما نقص جمالها وإن أذنا مستحشفة، فاختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال إنه إذا جنى عليها فاستحشفت وحب عليه الدية ووجب هاهنا على قاطع المستحشفة الحكومة، كما لو قطع يدا شلاء وإن قلنا هناك لا يجب عليه الا الحكومة وجب هاهنا على قاطعها ديتها.
وقال الشيخ أبو حامد هذا تخليط لا يحكى، بل يجب عليه الحكومة قولا واحدا كما قلنا فيمن قلع عينا قائمة أو قطع يدا شلاء وان قطع أذن الأصم وجب عليه ديتها، لان ذهاب السمع لعلة في الرأس لا في الاذن.
قوله (ويجب في السمع الدية) فجملة ذلك أنه إذا أذهب سمعه من أحد الاذنين وجب عليه نصف الدية، كما لو أذهب البصر من أحد العينين، فإن أذهب سمعه فأخذت منه الدية ثم عاد السمع وجب رد الدية لأنا علمنا أنه لم يذهب (فرع) وان جنى عليه جناية فادعى أنه ذهب بها سمعه أو بصره أو شمه أخذنا رأى اثنين من أهل الخبرة من المسلمين، فإن قالا مثل هذه الجناية لا يذهب بها السمع والبصر والشم فلا شئ على الجاني، لأنا علمنا كذب المدعى، وان قالا مثلها يذهب بها السمع أو البصر أو الشم فإن كان في البصر رجع إلى قولهما أو إلى اثنين من أهل الخبرة، فإن قالا قد ذهب البصر ولا يعود حكمنا على الجاني بموجب الجناية، وإن كان في السمع والشم لم يرجع إلى قولهما في ذهابه، لأنه لا طريق لهما إلى المعرفة بذهابه بخلاف البصر، فإذا ادعى المجني عليه ذهاب السمع أو الشم فإن قال اثنان من أهل الخبرة من المسلمين لا يرجى عوده