في قول أكثر أهل العلم، منهم عطاء ومجاهد وقتادة ومالك وأحمد وأصحاب الرأي. قال ابن عبد البر: لا أعلمهم يختلفون في ذلك. وقال بعض أصحابنا:
هي جائفة واحدة.
وحكى هذا عن أبي حنيفة، لان الجائفة هي التي تنفذ من ظاهر البدن إلى جوف، وهذه الثانية إنما نفذت من الباطن إلى الظهر وقد استدل الجمهور بما أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن المسيب (أن رجلا رمى رجلا بسهم فأنفذه فقضى أبو بكر رضي الله عنه بثلث الدية) وروى نحوه عن عمر رضي الله عنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، لأن الاعتبار بوصول الجرح إلى الجوف لا بكيفية إيصاله، إذ لا أثر لصورة الفعل مع التساوي في المعنى، كما قلنا فيمن أوضح إنسانا في رأسه ثم أخرج السكين من موضع آخر فهما موضحتان، وإن هشمه هاشمة لها مخرجان فهما هاشمتان.
(فرع) إذا ضرب وجنته فكسر العظم ووصل إلى فيه، ففيه قولان، (أحدهما) يجب عليه أرش جائفة، لأنها جراحة وصلت إلى جوف الفم، فهو كما لو وصلت إلى جوف البطن أو الرأس (والثاني) لا يجب عليه إلا أرش هاشمة لهشم العظم وحكومة لما زاد، لأن هذه دون الجائفة إلى البطن أو الرأس في الخوف عليه منها، وإن جرحه في أنفه فحرقه إلى باطنه، قال أبو علي الطبري ففيه قولان، كما لو هشم عظم وجنته فوصل إلى فيه، وقال ابن الصباغ: لا يجب عليه أرش جائفة قولا واحدا.
(فرع) إذا أدخل خشبة في دبر إنسان فحرق حائزا في البطن فهل يلزمه أرش جائفة؟ فيه وجهان كما قلنا فيمن خرق الباطن بين الموضحتين دون الظاهر وقال أحمد وأصحابه: عليه حكومة ولا يلزمه أرش جائفة وجها واحدا. أما إذا أذهب بكارة امرأة بخشبة أو بيده فليست بجائفة، لأنه لا يخاف عليها من ذلك فإن كانت أمة وجب عليه ما نقص من قيمتها، وإن كانت حرة ففيها حكومة، فإن أكرهها على الزنا وجب عليه حكومة، ولاذهاب البكارة مهر المثل، وهل يلزمه أرش البكارة؟ عد أصحاب أحمد فيها روايتان إحداهما لا يلزمه لان أرش البكارة داخل في مهر المثل، فإن مهر المثل أكبر من مهر الثيب، فالتفاوت