قتله ونقل أبو بكر الفارسي أحد أئمة الشافعية في كتاب الاجماع أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم بما هو قذف صريح كفر باتفاق العلماء، فلو تاب لم يسقط عنه القتل، لان حد قذفه القتل وحد القذف لا يسقط بالتوبة، وخالفه القفال فقال كفر بالسب فسقط القتل بالاسلام.
وقال الصيدلاني يزول القتل ويجب حد القذف. قال الخطابي لا أعلم خلافا في وجوب قتله إذا كان مسلما، وقال ابن بطال: اختلف العلماء فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم. فأما أهل العهد والذمة كاليهود فقال ابن القاسم عن مالك يقتل من سبه منهم إلا أن يسلم، وأما المسلم فيقتل بغير استتابة، ونقل ابن المنذر عن الليث والشافعي وأحمد وإسحاق مثله في حق اليهود نحوه وحكى عن عياض هل كان ترك من وقع منه ذلك لعدم التصريح أو لمصلحة التأليف، ونقل عن بعض المالكية أنه لم يقتل اليهود الذين كانوا يقولون له السام عليك لأنهم لم تقم عليهم البينة بذلك ولا أقروا به فلم يقض فيهم بعلمه، وقيل إنهم لما لم يظهروه ولووه بألسنتهم ترك قتلهم، وقيل إنه لم يحمل ذلك منهم على السب بل على الدعاء بالموت الذي لا بد منه، ولذلك قال في الرد عليهم وعليكم أي الموت نازل علينا وعليكم فلا معنى للدعاء به، أشار إلى ذلك القاضي عياض واحتج الطحاوي لأصحابه بحديث أنس الذي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتل من كانوا يقولون له السام عليك، وأيده بأن هذا الكلام لو صدر من مسلم لكانت ردة، وأما صدوره من اليهودي فالذي هم عليه من الكفر أشد فلذلك لم يقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم وتعقب بأن دمائهم لم تحقن إلا بالعهد وليس في العهد أنهم يسبون النبي صلى الله عليه وسلم فمن سبه منهم تعدى العهد فينقض فيصير كافرا بلا عهد فيهدر دمه إلا أن يسلم ويؤيده أنه لو كان كل ما يعتقدونه لا يؤاخذون به لكانوا لو قتلوا مسلما لو يقتلوا لان من معتقدهم حل دماء المسلمين ومع ذلك لو قتل منهم أحد مسلما قتل، فإن قيل إنما يقتل بالمسلم قصاصا، بدليل انه يقتل به ولو أسلم، ولو سب ثم أسلم لم يقتل.