(أحدهما) يناظر لأنه هو الانصاف (والثاني) لا يناظر لان الاسلام قد وضح فلا معنى لحجته عليه.
(فرع) يستتاب المرتد قبل أن يقتل وقال الحسن البصري لا يستتاب، وإن كان كافرا فأسلم ثم ارتد فإنه يستتاب. دليلنا أثر عمر (فهلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه ثلاثا فإن تاب والا قتلتموه، اللهم إني لم أشهد ولم آمر ولم أرض إذا بلغني) إذا ثبت هذا فهل الاستتابة مستحبة أو واجبة؟ فيه قولان، قال الشيخ أبو حامد، وقيل هما وجهان (أحدهما) أنها مستحبة، وبه قال أبو حنيفة لقوله صلى الله عليه وسلم (من بدل دينه فاقتلوه) فأوجب قتله ولم يوجب استتابته، ولأنه لو قتله قاتل قبل الاستتابة لم يجب عليه ضمانه، ولهذا لم يوجب عمر رضي الله عنه الضمان على الذين قتلوا المرتد قبل استتابته، فلو كانت الاستتابة واجبة لوجب ضمانه، فعلى هذا لا يأثم إذا قتله قبل الاستتابة (والثاني) أن الاستتابة واجبة لقوله تعالى (قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) فأمر الله بمخاطبة الكفار بالانتهاء ولم يفرق بين الأصلي والمرتد ولما رويناه عن عمر وعثمان رضي الله عنهما، وبالقول الأول قال عبيد بن عمير وطاوس والحسن وأحمد في إحدى روايتيه، وبالقول الثاني قال عطاء والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي، والرواية الأخرى عن أحمد، وعزا ابن قدامة الوجوب إلى عمر وعلى، وفند القول بعدم الوجوب ورجح الوجوب. قال الشوكاني بعدم الوجوب قال أهل الظاهر ونقله ابن المنذر عن معاذ وعبيد بن عمير وعليه يدل تصرف البخاري، فإنه استظهر بالآيات التي لا ذكر فيها للاستتابة، والتي فيها أن التوبة لا تنفع، وبعموم قوله صلى الله عليه وسلم (من بدل دينه فاقتلوه) وبقصة معاذ المذكورة ولم يذكر غير ذلك.
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار ذهب هؤلاء إلى أن حكم من ارتد عن الاسلام حكم الحربي الذي بلغته الدعوة، فإنه يقاتل من اقبل أن يدعى. قالوا وإنما تشرع الاستتابة لمن خرج عن الاسلام لاعن بصيرة، فأما من خرج عن