أن يقذف في النار،) فإن أكره على التلفظ بكلمة الكفر فقالها وقصد بها الدفع عن نفسه ولم يعتقد الكفر بقلبه لم يحكم بردته، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد، وقال محمد بن الحسن هو كافر في الظاهر تبين منه امرأته ولا يرثه المسلمون أن مات ولا يغسل ولا يصلى عليه، وعزا العمراني في البيان هذا إلى أبى يوسف.
دليلنا قوله تعالى (الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان، ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله) وفى الآية تقديم وتأخير، وتقديرها من كفر بالله بعد ايمانه وشرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله من أكره وقلبه مطمئن بالايمان، فإذا أكره الأسير على كلمة الكفر فقالها لم يحكم بكفره لما ذكرناه، فإن مات ورثه ورثته المسلمون، لأنه محكوم ببقائه على الاسلام فإن عاد إلى دار الاسلام عرض عليه السلام وأمر بالاتيان به لاحتمال أن يكون قال ذلك اعتقادا، فإن أتى بكلمة الاسلام علمنا أنه أتى بكلمة الكفر مكرها، وان لم يأت بالاسلام علمنا أنه يأتي بكلمة الكفر معتقدا له.
قال الشافعي رحمه الله وان قامت بينة على رجل أنه تلفظ بكلمة الكفر وهو محبوس أو مقيد ولم يقل البينة أنه أكره على التلفظ بذلك لم يحكم بكفره، لان القيد والحبس اكراه في الظاهر. وهكذا قال في الاقرار إذا أقر بالبيع أو غيره من العقود وهو محبوس أو مقيد، ثم قال بعد ذلك كنت مكرها على الاقرار، قبل قوله في ذلك، لان القيد والحبس اكراه في الظاهر، وان قامت بينة أنه كان يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير في دار الكفر لم يحكم بكفره لأنها معاص وقد يفعلها المسلم وهو يعتقد تحريمها فلم يحكم بكفره. وان مات ورثه ورثته المسلمون لأنه محكوم ببقائه على الاسلام.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا ارتد الرجل وجب قتله لما روى أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، رجل كفر بعد اسلامه، أو، زنى بعد احصانه، أو قتل نفسا بغير نفس) فإن ارتدت امرأة وجب قتلها لما روى جابر رضي الله عنه