الجاني امتحن في أوقات غفلاته بالصياح مرة بعد مرة، فإن ظهر منه أمارات السماع فالقول قول الجاني لأن الظاهر يشهد له ولا يقبل قوله من غير يمين لأنه يحتمل أن يكون ما ظهر من أمارة السماع اتفاقا، وإن لم يظهر منه أمارة السماع فالقول قول المجني عليه لأن الظاهر معه ولا يقبل قوله فيذلك من غير يمين، لجواز أن يكون ما ظهر من عدم السماع لجودة تحفظه، وان ادعى نقصان السمع فالقول قوله مع يمينه لأنه يتعذر إقامة البينة عليه ولا يعرف ذلك إلا من جهته ما يدعيه محتمل فقبل قوله مع يمينه كما يقبل قول المرأة في الحيض، وان ادعى ذهاب السمع من إحدى الاذنين سد التي لم يذهب السمع منها ثم يمتحن بالصياح في أوقات غفلاته، فإن ظهر منه أمارة السمع فالقول قول الجاني مع يمينه، وان لم يظهر منه أمارة السماع فالقول قول المجني عليه مع يمينه لما ذكرناه (فصل) وإن ادعى المجني عليه ذهاب شمه وأنكر الجاني، امتحن في أوقات غفلاته بالروائح الطيبة والروائح المنتنة، فإن كان لا يرتاح إلى الروائح الطيبة ولا تظهر منه كراهية الروائح المنتنة فالقول قوله لأن الظاهر معه ويحلف عليه لجواز أن يكون قد تصنع لذلك وان ارتاح إلى الروائح الطيبة وظهرت منه الكراهية للروائح المنتنة فالقول قول الجاني، لأن الظاهر يشهد له ويحلف على ذلك لجواز أن يكون ما ظهر من المجني عليه من الارتياح والتكره اتفاقا وإن حلف المجني عليه على ذهاب شمه ثم غطى أنفه عند رائحة منتنة، فادعى الجاني أنه غطاه لبقاء شمه، وادعى المجني عليه أنه غطاه لحاجة أو لعادة، فالقول قول المجني عليه، لأنه يحتمل ما يدعيه.
(فصل) وان كسر صلب رجل فادعى المجني عليه أنه ذهب جماعه فالقول قوله مع يمينه لان ما يدعيه محتمل؟ ولا يعرف ذلك إلا من جهته فقبل قوله مع يمينه كالمرأة في دعوى الحيض (الشرح) إذا جنى على عين رجل ثم اختلفا فقال الجاني: جنيت عليها وهو لا يبصر بها، وقال المجني عليه بل كنت أبصر بها نظرت، فإن قال الجاني جنيت عليها عمياء لا يبصر بها، فالقول قول الجاني مع يمينه لأنه لا يتعذر على